﴿فأصبحت﴾ أي: فتسبب عن هذا الطائف الذي أرسله القادر الذي لا يغفل ولا ينام على مال من لا يزال أسير العجز والنوم فعلاً أو قوة ﴿كالصريم﴾ أي: كالأشجار التي صرم عنها ثمرها، أو كالليل المظلم الأسود لأنه يقال: الصريم لسواده والصريم أيضاً النهار، وقيل: الصبح لأنه انصرم من الليل، قاله الأخفش.v
وهو من الأضداد. وقيل: كالرماد الأسود ليس بها ثمرة بلغة خزيمة، قاله ابن عباس، لأن ذلك الطائف أتلفها لم يدع فيها شيئاً لأنهم طلبوا الكل فلم يزكوه بما يمنع عنه الطوارق لضدّ ما كان لأبيهم من ثمرة عمله الصالح من الدفع عن ماله والبركة في جميع أحواله. قال القرطبي: والآية دليل على أنّ العزم مما يؤاخذ به الإنسان لأنهم عزموا على أن يفعلوا فعوقبوا قبل فعلهم ونظيره قوله تعالى: ﴿ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم﴾ (الحج: ٢٥)
وفي الصحيح عن النبي ﷺ «إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه» وهذا محمول على العزم المصمم، أما ما كان يخطر بالبال من غير عزم فلا يؤاخذ به.
﴿فتنادوا مصبحين﴾ أي: في حال أول دخولهم في الإصباح وقوله تعالى: ﴿أن اغدوا﴾، أي: بكروا جداً مقبلين ومستولين وقادرين، ويجوز أن تكون أن المفسرة لأنه تقدمها ما هو بمعنى القول ﴿على حرثكم﴾، أي: محل فائدتكم الذي أصلحتموه وتعبتم فيه فلا يستحقه غيركم، قال مقاتل: لما أصبحوا قال بعضهم لبعض: اغدوا على حرثكم يعني بالحرث الثمار والزروع والأعناب، ولذلك قال: صارمين لأنهم أرادوا قلع الثمار من الأشجار.
(١٣/٨٦)
---