ولما ذكر الساعة وفخمها أتبع ذلك ذكر من كذب بها وما حل بهم بسبب التكذيب تذكيراً لأهل مكة وتخويفاً لهم من عاقبة تكذيبهم فقال تعالى: ﴿كذبت ثمود﴾ قدمهم لأن بلادهم أقرب إلى قريش وواعظ القرب أكبر وإهلاكهم بالصيحة وهي أشبه بصيحة النفخ في الصورة المبعثرة لما في القبور﴿وعاد بالقارعة﴾ أي: القيامة سميت بذلك لأنها تقرع قلوب العباد بالمحاقة أو لأنها تقرع الناس بأهوالها يقال: أصابتهم قوارع الدهر، أي: أهواله وشدائده. وقوارع القرآن: الآيات التي يقرؤها الإنسان إذا فزع من الإنس أو الجن نحو: آية الكرسي، كأنه يقرع الشيطان بها. وقال المبرَّد: القارعة مأخوذة من القرعة من رفع قوم وحط آخرين وقوارع القيامة انفطار السماء بانشقاقها، والأرض والجبال بالدك والنسف، والنجوم بالطمس والانكدار، ووضعت موضع الضمير لتدل على معنى القرع في الحاقة زيادة في وصف شدتها، وقيل: عنى بالقارعة العذاب الذي نزل بهم في الدنيا، وكان نبيهم يخوفهم بذلك فيكذبونه.
(١٣/١٠٥)
---
وثمود قوم صالح وكانت منازلهم بالحجر فيما بين الشام والحجاز، قال ابن إسحاق: وهو وادي القرى وكانوا عرباً، وأما عاد فقوم هود وكانت منازلهم بالأحقاف رمل بين عمان إلى حضرموت واليمن كله وكانوا عرباً ذوي بسطة في الخلق.
﴿فأمّا ثمود فأهلكوا﴾ أي: بأيسر أمر من أوامرنا ﴿بالطاغية﴾ أي: الواقعة التي جاوزت الحدّ في الشدة فرجفت منها القلوب، واختلف فيها فقيل: الرجفة، وعن ابن عباس: الصاعقة، وعن قتادة: بعث الله تعالى عليهم صيحة فأهمدتهم. وقال مجاهد: بالذنوب، وقال الحسن: بالطغيان فهو مصدر كالكاذبة والعاقبة، أي: أهلكوا بطغيانهم وكفرهم قال الزمخشري: وليس بذاك لعدم الطباق بينها وبين قوله تعالى: ﴿بريح صرصر﴾ لكن قال ابن عادل: ويوضحه ﴿كذبت ثمود بطغواها﴾ (الشمس: ١١)
أهلكوا بها ولأجلها. قال: والباء سببية على الأقوال كلها إلا على قول قتادة، فإنها فيه للاستعانة كعملت بالقدّوم.


الصفحة التالية
Icon