ولما ذكر تعالى القيامة وهول أمرها بالتعبير بالحاقة وغيرها شرع سبحانه وتعالى في تفاصيل أحوالها وبدأ بذكر مقدماتها بقوله تعالى: ﴿فإذا نفخ﴾ وبنى الفعل للمجهول دلالة على هوان ذلك عليه وأن ما يتأثر عنه لا يتوقف على نافخ معين بل من أقامه لذلك من جنده تأثر عنه ما يريده ﴿في الصور﴾ أي: القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام. قال البقاعي: كأنه عبر عنه به دون القرن مثلاً؛ لأنه يتأثر عنه تارة إعدام الصورة، وتارة إيجادها وردها إلى أشكالها وسعته كما بين السماء والأرض ﴿نفخة واحدة﴾ للفصل بين الخلائق.
قال الزمخشري: فإن قلت: هما نفختان، فلم قيل: واحدة؟ قلت: معناه أنها لا تثنى في وقتها. ثم قال: فإن قلت: فأي النفختين هي؟ قلت: الأولى لأن عندها فساد العالم، وهكذا الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد روي عنه أنها الثانية ا. ه.
قال البقاعي: وظاهر السياق أنها الثانية التي بها البعث وخراب ما ذكر بعد قيامهم أنسب لأنه أهيب وكونها الثانية إحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله عنهما ا. ه. واقتصر البيضاوي على أنها الأولى والجلال المحلي على أنها الثانية وهو الأنسب كما قاله البقاعي.
ثم إن الزمخشري سأل سؤالاً على أنها النفخة الأولى بقوله: فإن قلت: أما قال بعد: ﴿يومئذ تعرضون﴾ والعرض إنما هو عند النفخة الثانية، قلت: جعل اليوم اسماً للحين الواسع الذي تقع فيه النفختان، والصعقة والنشور والوقوف للحساب، فلذلك قيل: ﴿يومئذ تعرضون﴾ كما تقول: جئتك عام كذا، وإنما كان مجيئك في وقت واحد من أوقاته ا. ه.
(١٣/١١٣)
---