وقال محمد بن كعب رضي الله عنه: إنه القلب ومراقه وما يليه، وقال عكرمة رضي الله عنه: إن الوتين إذا قطع، لا إن جاع عرف ولا إن شبع عرف، وقيل: الوتين من مجمع الوركين إلى مجمع الصدر بين الترقوتين، ثم تنقسم منه سائر العروق إلى سائر الجسد، ولا يمكن في العادة الحياة بعد قطعه. وقال ابن قتيبة: لم يرد أنا نقطعه بعينه بل المراد أنه لو كذب لأمتناه، فكان كمن قطع وتينه. ونظيره قوله ﷺ «ما زالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أوان انقطاع أبهري». والأبهر: عرق متصل بالقلب، فإذا انقطع مات صاحبه فكأنه قال: هذا أوان يقتلني السم وحينئذ صرت كمن انقطع أبهره ﴿فما منكم﴾ أي: أيها الناس، وأغرق في النفي فقال: ﴿من أحد عنه﴾ أي: القتل ﴿حاجزين﴾ أي: لا يقدر أحد منكم أن يحجزه عن ذلك ويدفعه عنه، أي: الرسول ﷺ أي: لا تقدرون أن تحجزوا عنه القاتل وتحولوا بينه وبينه.
تنبيه: ﴿من أحد﴾ اسم ما ومن زائدة لتأكيد النفي، ومنكم حال من أحد وعنه حاجزين خبر ما وجمع لأن أحداً في سياق النفي بمعنى الجمع وضمير عنه للقتل أو النبي كما مرّ ﴿وإنه﴾ أي: القرآن ﴿لتذكرة للمتقين﴾ أي: لأنهم المنتفعون به لإقبالهم عليه إقبال مستفيد ﴿وإنا﴾ أي: بمالنا من العظمة ﴿لنعلم﴾ أي: علماً عظيماً محيطاً ﴿أن منكم﴾ أي: أيها الناس ﴿مكذبين﴾ بالقرآن ومصدقين، فأنزلنا الكتب وأرسلنا الرسل لنظهر منكم إلى عالم الشهادة ما كنا نعلم في الأزل غيباً من تكذيب وتصديق فتستحقون بذلك الثواب والعقاب، فلذلك وجب في الحكمة أن نعيد الخلق إلى ما كانوا عليه من أجسامهم قبل الموت لنحكم بينهم فنجازي كلاً بما يليق به إظهاراً للعدل.
(١٣/١٣١)
---