﴿فذرهم﴾ أي: اتركهم ولو على أسوأ أحوالهم ﴿يخوضوا﴾ أي: في باطلهم من مقالهم وفعالهم ﴿ويلعبوا﴾ أي: يفعلوا في دنياهم فعل اللاعب الذي لا فائدة لفعله إلا ضياع الزمان واشتغل أنت بما أمرت به ﴿حتى يلاقوا﴾ أي: يلقوا ﴿يومهم الذي يوعدون﴾ وهو يوم كشف الغطاء الذي أوّل مجيئه عند الغرغرة، وتناهيه النفخة الثانية، ودخول كل من الفريقين في داره ومحل استقراره، وهذه الآية منسوخة بآية السيف كما قاله البقاعيّ وابن عادل.h
وقوله تعالى: ﴿يوم يخرجون﴾ يجوز أن يكون بدلاً من يومهم أو منصوباً بإضمار أعني ﴿من الأجداث﴾ أي: القبور التي صاروا بتغييبهم فيها تحت وقع الحوافر والخف، فهم بحيث لا يدفعون شيئاً يفعل بهم بل هم كلحم في فم ماضغ، فإنّ الجدث: القبر والجدثة صوت الحافر والخف ومضغ اللحم.
وقوله تعالى: ﴿سراعاً﴾ أي: نحو صوت الداعي ذاهبين إلى المحشر، حال من فاعل يخرجون جمع سريع كظراف في ظريف، وقرأ قوله تعالى: ﴿كأنهم إلى نصب﴾ ابن عامر وحفص بضم النون والصاد، والباقون بفتح النون وإسكان الصاد على أنه مصدر بمعنى المفعول كما تقول هذا نصب عيني وضرب الأمير، والنصب كل ما نصب فعبد من دون الله ﴿يوفضون﴾ أي: يسرعون إلى الداعي مستبقين كما كانوا يستبقون إلى أنصابهم. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: إلى نصب، أي: إلى غاية وهي التي ينتصب إليها بصرك، وقال الكلبي: هو شيء منصوب علم أو راية. وقال الحسن: كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله تعالى لا يلوي أوّلهم على آخرهم.
(١٣/١٤٩)
---


الصفحة التالية
Icon