﴿ما لكم لاترجون الله﴾ أي: الملك الذي له الأمر كله ﴿وقاراً﴾ أي: ما لكم لا تأملون له توقيراً، أي: تعظيماً، والمعنى: ما لكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله إياكم في دار الثواب. ولله بيان للموقر ولو تأخر لكان صلة الوقار، فإنّ بالمعرفة تزكو الأعمال وتصلح الأقوال، إنما سبق أبو بكر رضي الله عنه بشيء وقر في صدره، وإنما يصح تعظيمه سبحانه بأن لا ترى لك عليه حقاً ولا تنازع له اختياراً، وتعظم أمره ونهيه بعدم المعارضة.
﴿وقد﴾ أي: والحال أنه قد أحسن إليكم مرّة بعد مرّة بما لا يقدر عليه غيره، فدل ذلك على تمام قدرته ثم لم يقطع إحسانه عنكم، فاستحق أن تؤمنوا به لأنه ﴿هل جزاء الإحسان إلا الإحسان﴾ (الرحمن: ٦٠)
ورجاء لدوام إحسانه وخوفاً من قطعه لأنه ﴿خلقكم﴾ أي: أوجدكم من العدم مقدّرين ﴿أطواراً﴾ أي: تارات عناصر أولاً ثم مركبات تغذي الحيوانات، ثم أخلاطاً ثم نطفاً ثم علقاً ثم مضغاً ثم عظاماً ولحوماً وأعصاباً ودماء، ثم خلقاً آخر تاماً ناطقاً ذكراناً وإناثاً إلى غير ذلك من الأمور الدالة على قدرته على كل مقدور، ومن قدر على هذا ابتداء كان على الإعادة أعظم قدرة.
﴿ألم تروا﴾ أي: أيها القوم ﴿كيف خلق الله﴾ أي: الذي له العلم التامّ والقدرة البالغة والعظمة الكاملة ﴿سبع سموات﴾ هنّ في غاية العلو والسعة والإحكام والزينة ﴿طباقاً﴾ أي: متطابقة بعضها فوق بعض، وكل واحدة في التي تليها محيطة بها ما لها من فروج، ولا يكون تمام المطابقة كذلك إلا بالإحاطة من كل جانب.
(١٣/١٦٠)
---