وهي وإن كانت لله ملكاً وتشريفاً قد تنسب إلى غيره تعريفاً قال ﷺ «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» وفي رواية: «إن صلاة فيه خير من مائة صلاة في مسجدي هذا». قال القرطبي: وهذا حديث صحيح. وفي حديث سَابَق ﷺ بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، ويقال مسجد فلان لأنه حبسه ولا خلاف بين الأمّة في تحبيس المساجد والقناطر والمقابر وإن اختلفوا في تحبيس غير ذلك.
﴿فلا تدعوا﴾ أي: فلا تعبدوا أيها المخلوقون ﴿مع الله﴾ الذي له جميع العظمة ﴿أحداً﴾ وهذا توبيخ للمشركين في دعواهم مع الله تعالى غيره في المسجد الحرام، وقال مجاهد: كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا بالله فأمر الله تعالى نبيه والمؤمنين أن يخلصوا لله الدعوة إذا دخلوا المساجد كلها يقول: فلا تشركوا فيها صنماً أو غيره مما يعبد، وقيل: المعنى أفردوا المساجد لذكر الله تعالى ولا تجعلوا لغير الله تعالى فيها نصيباً وفي الصحيح: «من نشد ضالة في المسجد فقولوا: لا ردّها الله عليك، فإنّ المساجد لم تبن لهذا» وقال الحسن: من السنة إذا دخل رجل المسجد أن يقول لا إله إلا الله؛ لأنّ قوله تعالى: ﴿فلا تدعوا مع الله أحداً﴾ في ضمنه أمر بذكر الله تعالى ودعائه، وروى الضحاك عن ابن عباس «أنّ النبيّ ﷺ كان إذا دخل المسجد قدّم رجله اليمنى، وقال: ﴿وأنّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً﴾ اللهمّ عبدك وزائرك وعلى كل مزور حق وأنت خير مزور، فأسألك برحمتك أن تفك رقبتي من النار، فإذا خرج من المسجد قدّم رجله اليسرى، وقال: اللهمّ صب عليّ الخير صباً ولا تنزع عني صالح ما أعطيتني أبداً ولا تجعل معيشتي كدّاً واجعل لي في الأرض جدّاً» أي: غنى.
(١٣/١٩٠)
---


الصفحة التالية
Icon