﴿إنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿سنلقي﴾ أي: بوعد لا خلف فيه ﴿عليك قولاً﴾ أي: قرآناً، واختلف في معنى قوله تعالى ﴿ثقيلاً﴾ فقال قتادة رضي الله عنه: ثقيل والله فرائضه وحدوده. وقال مجاهد رضي الله عنه: حلاله وحرامه. وقال محمد بن كعب رضي الله عنه: ثقيلاً على المنافقين لأنه يهتك أسرارهم ويبطل أديانهم. وقيل: على الكفار لما فيه من الاحتجاج عليهم والبيان لضلالهم وسب آلهتهم.
قال السدّي رضي الله عنه: ثقيلاً بمعنى كريم مأخوذ من قولهم: فلان ثقل عليّ، أي: كرم عليّ. وقال الفراء: ثقيلاً، أي رزيناً. وقال الحسن بن الفضل: ثقيلاً أي لا يحمله إلا قلب مؤيد بالتوفيق ونفس مزينة بالتوحيد. وقال ابن زيد: هو والله ثقيل مبارك كما ثقل في الدنيا ثقل في الميزان يوم القيامة. وقيل: ثقيل أي ثابت كثبوت الثقيل في محله. ومعناه: إنه ثابت الإعجاز لا يزول إعجازه أبداً.
وقيل: ﴿ثقيلاً﴾ بمعنى: أن العقل الواحد لا يفي بإدراك فوائده ومعانيه بالكلية فالمتكلمون غاصوا في بحار معقولاته، والفقهاء بحثوا في أحكامه، وكذا أهل اللغة والنحو وأرباب المعاني، ثم لا يزال كل متأخر يفوز منه بفوائد ما وصل إليها المتقدّمون، فعلمنا أنّ الإنسان الواحد لا يقوى على الاستقلال بحمله، فصار كالجبل الثقيل الذي يعجز الخلق عن حمله.
(١٣/٢٠٩)
---