ثم تسبب عن عصيانه قوله تعالى: ﴿فأخذناه﴾ أي: فرعون بما لنا من العظمة، وبين أنه أخذ قهر وغضب بقوله تعالى: ﴿أخذاً وبيلاً﴾ أي: ثقيلاً شديداً، وضرب وبيل وعذاب وبيل، أي: شديد قاله ابن عباس ومجاهد، ومنه مطر وابل، أي: شديد قاله الأخفش. وقال الزجاج: أي: ثقيلاً غليظاً ومنه قيل للمطر وابل، وقيل: مهلكاً. والمعنى: عاقبناه عقوبة غليظة، وفي ذلك تخويف لأهل مكة.
ثم خوّفهم بيوم القيامة فقال تعالى: ﴿فكيف تتقون إن كفرتم﴾ أي: توجدون الوقاية التي تقي أنفسكم إذا كفرتم في الدنيا، والمعنى: لا سبيل لكم إلى التقوى إذا رأيتم القيامة. وقيل: معناه: فكيف تتقون العذاب يوم القيامة إذا كفرتم في الدنيا. وقوله تعالى: ﴿يوماً﴾ مفعول تتقون أي: عذابه أي: بأي حصن تتحصنون من عذاب الله يوم ﴿يجعل الولدان﴾ وقوله تعالى ﴿شيباً﴾ جمع أشيب، والأصل في الشين الضم وكسرت لمجانسة الياء، ويقال في اليوم الشديد: يوم يشيب نواصي الأطفال، وهو مجاز، ويجوز أن يراد في الآية الحقيقة والمعنى: يصيرون شيوخاً شمطاً من هول ذلك اليوم وشدّته وذلك حين يقال لآدم عليه السلام قم: فابعث بعث النار من ذريتك، قال رسول الله ﷺ «يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا آدم فيقول: لبيك وسعديك ـ وفي رواية والخير بين يديك ـ فينادى بصوت إنّ الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار، قال: يا رب وما بعث النار. قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين فحينئذ تضع الحامل حملها ويشيب الوليد ﴿وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب الله شديد﴾ (الحج: ٢)
(١٣/٢٢٠)
---