﴿ها أنتم﴾ يا ﴿هؤلاء﴾ ها للتنبيه وأنتم مبتدأ خبره ﴿حاججتم﴾ أي: جادلتم ﴿فيما لكم به علم﴾ من أمر موسى وعيسى وزعمتم أنكم على دينهما ﴿فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم﴾ من شأن إبراهيم وليس له ذكر في كتابكم ﴿وا يعلم﴾ ما حاججتم فيه ﴿وأنتم لا تعلمون﴾ أي: جاهلون به، ثم قال تعالى تبرئة لإبراهيم:
(٢/٣٨)
---
﴿ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً﴾ أي: مائلاً عن الأديان كلها إلى الدين القيّم ﴿مسلماً﴾ أي: موحداً منقاداً لله تعالى وليس المراد أنه كان على دين الإسلام وإلا لاشترك الإلزام؛ لأنهم يقولون: ملة الإسلام حدثت بعد نزول القرآن على محمد ﷺ وكان إبراهيم قبله بمدّة طويلة فكيف يكون على ملة الإسلام الحادثة بنزول القرآن، فعلم أن المراد يكون إبراهيم مسلماً أنه كان على ملة التوحيد لا على هذه الملة ﴿وما كان من المشركين﴾ كما لم يكن منكم أو أراد بالمشركين اليهود والنصارى لإشراكهم عزيراً والمسيح.
﴿إنّ أولى الناس﴾ أي: أحقهم ﴿بإبراهيم﴾ من أمّته ﴿للذين اتبعوه﴾ من أمّته ﴿وهذا النبيّ والذين آمنوا وا وليّ المؤمنين﴾ أي: ناصرهم وحافظهم ولما دعا اليهود معاذاً وحذيفة وعماراً إلى دينهم نزل.
﴿ودّت﴾ أي: تمنت ﴿طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم﴾ عن دينكم ويردّونكم إلى الكفر ﴿وما يضلون إلا أنفسهم﴾ أي: أمثالهم أو إن أثم إضلالهم عليهم والمؤمنون لا يطيعونهم فيه ﴿وما يشعرون﴾ بذلك.
﴿يأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله﴾ بما نطقت به التوراة والإنجيل ودلت على نبوّة محمد ﷺ ﴿وأنتم تشهدون﴾ أنها آيات الله عز وجل أو بالقرآن العزيز وأنتم تشهدون نعته في الكتابين أو تعلمون بالمعجزات أنه حق.
(٢/٣٩)
---
﴿يأهل الكتاب لم تلبسون الحق﴾ أي: القرآن المشتمل على نعت محمد ﷺ ﴿بالباطل﴾ أي: بالتحريف والتزوير ﴿وتكتمون الحق﴾ أي: نعت محمد ﷺ ﴿وأنتم تعلمون﴾ أنه حق.
(٢/٤٠)