ثم قال: ﴿ولا تمنن تستكثر﴾ أي: لا تمنن على ربك بهذه الأعمال الشاقة كالمستكثر لما تفعله ﴿ولربك فاصبر﴾ أي: على الأوامر والنواهي متقرّباً بذلك إليه غير ممتن به عليه. وقال الحسن: بحسناتك تستكثرها. وقال ابن عباس: ولا تعط عطية ملتمساً بها أفضل منها. وقيل: لا تمنن على الناس بما تعلمهم من أمر الدين والوحي مستكثراً بذلك الإنعام، فإنك إنما فعلت ذلك بأمر الله تبارك وتعالى فلا منة لك به عليهم.
ولهذا قال تعالى: ﴿ولربك فاصبر﴾ وقيل: لا تمنن عليهم بنبوّتك لتستكثر أي: لا تأخذ منهم أجراً على ذلك تستكثر به مالك، وقال مجاهد والربيع: لا تعظم عملك في عينك أن تستكثر من الخير فإنه مما أنعم الله تعالى به عليك. وقال ابن كيسان: لا تستكثر عملك فتراه من نفسك إنما عملك منة من الله تعالى عليك إذ جعل لك الله تعالى سبيلاً إلى عبادته. وقال زيد بن أسلم: إذا أعطيت عطية فأعطها لربك لا تقل: دعوت فلم يستجب لي. وقيل: لا تفعل الخير لترائي به الناس.
ولما ذكر تعالى ما يتعلق بإرشاد النبيّ ﷺ ذكر بعده وعيد الأشقياء بقوله تعالى:
﴿س٧٤ش٨/ش١٧ فَإِذَا نُقِرَ فِى النَّاقُورِ * فَذَالِكَ يَوْمَـ؟ـ؟ِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ * ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ؟ مَا؟ مَّمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدتُّ لَهُ؟ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَ؟؟ إِنَّهُ؟ كَانَ ؟يَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ؟ صَعُودًا ﴾
﴿فإذا نقر﴾ أي: نفخ ﴿في الناقور﴾ أي: في الصور وهو القرن النفخة الثانية فاعول من النقر أي: من التصويت وأصله القرع الذي هو سبب الصوت والفاء للسببية كأنه قال تعالى: اصبر على زمان صعب تلقى فيه عاقبة صبرك وأعداؤك عاقبة ضرهم.
(١٣/٢٣٧)
---