﴿ثم﴾ أي: بعد الأمر العظيم الذي ارتكبه من تكذيب رسول الله ﷺ ﴿يطمع﴾ أي: بغير سبب يدلي به مما جعلناه سبب المزيد من الشكر ﴿أن أزيد﴾ أي: فيما آتيته في دنياه أو في آخرته وهو يكذب رسولنا ﷺ وقال الحسن: ثم يطمع أن أحله الجنة.
وكان الوليد يقول: إن كان محمد صادقاً فما خلقت الجنة إلا لي، فقال الله تعالى ردًّا عليه وتكذيباً له ﴿كلا﴾ أي: وعزتنا وجلالنا لا تكون له زيادة على ذلك أصلاً، وأمّا النقصان فسيرى إن استمرّ على تكذيبه فليرتدع عن هذا الطمع ولينزجر وليرتجع، فإنه حمق محض وزخرف بحت وغرور صرف، قالوا: فما زال الوليد بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله وولده حتى هلك فقيراً.
تنبيه: كلا قطع للرجاء عما كان يطمع فيه من الزيادة فيكون متصلاً بالكلام الأوّل وقيل: كلا بمعنى حقاً.
ويبتدأ بقوله تعالى ﴿إنه﴾ أي: هذا الموصوف ﴿كان﴾ أي: بخلق كأنه جبلة له وطبع لا يقدر على الانفكاك عنه ﴿لآياتنا﴾ على ما لها من العظمة خاصة لكونها هادية إلى الوحدانية لا إلى غيرها من الشبه القائدة إلى الشرك ﴿عنيداً﴾ قال قتادة: أي: جاحداً. وقال مقاتل: معرضاً. وقال مجاهد: إنه المجانب للحق. وجمع العنيد عند، مثل رغيف ورغف والعنيد بمعنى المعاند، والعناد كما قال الملوي من كبر في النفس ويبس في الطبع وشراسة في الأخلاق أو خبل في العقل، وقد جمع ذلك كله إبليس لعنه الله تعالى لأنه خلق من نار وهي من طبعها اليبوسة وعدم الطواعية.
تنبيه: في الآية إشارة إلى أنّ الوليد كان معانداً في أمور كثيرة منها أنه كان يعاند في دلائل التوحيد وصحة النبوّة وصحة البعث، ومنها أنّ كفره كان عناداً لأنه كان يعرف هذه الأشياء بقلبه وينكرها بلسانه. وكفر العناد أفحش أنواع الكفر، ومنها أنّ قوله تعالى كان يدل على أنّ هذه حرفته من قديم الزمان.
(١٣/٢٤١)
---