﴿إن﴾ أي: ما ﴿هو﴾ أي: القرآن ﴿إلا قول البشر﴾ أي: ليس فيه شيء عن الله تعالى فلا يغتر أحد به ولا يعرج عليه فارتج النادي فرحاً، ثم تفرّقوا معجبين بقوله متعجبين منه قيل: وهذا شبيه بما قال بعضهم:
*لو قيل كم خمس وخمس لاغتدى ** يوماً وليلته يعدّ ويحسب*
*ويقول معضلة عجيب أمرها ** ولئن فهمت لها لأمري أعجب*
*خمس وخمس ستة أو سبعة ** قولان قالهما الخليل وثعلب
** *
فكان قوله هذا سبب هلاكه فكان كما قال بعضهم:
*احفظ لسانك أيها الإنسان ** لا يلدغنك إنه ثعبان*
*كم في المقابر من قتيل لسانه ** كانت تهاب لقاءه الشجعان*
وقوله تعالى: ﴿سأصليه﴾ أي: أدخله ﴿سقر﴾ أي: جهنم بوعد لا بدّ منه عن قريب بدل من ﴿سأرهقه صعوداً﴾.
وقوله تعالى: ﴿وما أدراك ما سقر﴾ تعظيم لشأنها.
وقوله تعالى: ﴿لا تبقي ولا تذر﴾ بيان لذلك أو حال من سقر، والعامل فيها معنى التعظيم، والمعنى: لا تبقي شيئاً يلقى فيها إلا أهلكته، فإذا أهلكته لم تذره هالكاً حتى يعاد أو لا تبقي على شيء ولا تدعه من الهلاك، بل كل ما يطرح فيها هالك لا محالة، وسميت سقر من سقرته الشمس إذا أذابته، ولا تنصرف للتعريف والتأنيث. قال ابن عباس: سقر اسم للطبقة السادسة، فإنّ درك النار سبعة جهنم ولظى والحطمة والسعير والجحيم وسقر والهاوية.
﴿لوّاحة﴾ من لوح الهجير قال:
*تقول ما لاحك يا مسافر ** يا ابنة عمي لاحني الهواجر
﴿للبشر﴾ أي: محرقة لظاهر الجلد فتدعه أشدّ سواداً من الليل قال تعالى: ﴿تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون﴾ (المؤمنون: ١٠٤)
والبشر أعالي البشرة وهو جمع بشرة وجمع البشر أبشار. وعن الحسن: تلوح للناس كقوله تعالى: ﴿ثم لترونها عين اليقين﴾ (التكاثر: ٧)
وقيل: اللوح شدة العطش يقال: لاحه العطش ولوحه، أي: غيره. وقال الأخفش: والمعنى: أنها معطشة للبشر، أي: لأهلها وأنشد:
*سقتني على لوح من الماء شربة ** سقاها من الله الرهام النواديا*
(١٣/٢٤٥)
---