﴿إلا أصحاب اليمين﴾ وهم المؤمنون فإنهم فكوا رقابهم بإيمانهم وبما أحسنوا من أعمالهم وقيل: هم الملائكة، وروي عن علي أنهم أطفال المسلمين. وقال مقاتل رضي الله عنه: هم أهل الجنة الذين كانوا على يمين آدم يوم الميثاق حين قال لهم الله: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وعنه أيضاً: هم الذين أعطوا كتبهم بأيمانهم. وقال الحسن رضي الله عنه: هم المسلمون الخالصون. وقال القاسم: كل نفس مأخوذة بكسبها بخير أو شر إلا من اعتمد على الفضل، فكل من اعتمد على الكسب فهو رهين به، ومن اعتمد على الفضل فهو غير مأخوذ.
ولما أخرجهم من حكم الارتهان الذي أطلق على الإهلاك لأنه سببه استأنف بيان حالهم فقال تعالى: ﴿في جنات﴾ أي: بساتين في غاية العظم لأنهم أطلقوا أنفسهم وفكوا رقابهم فلم يرتهنوا ﴿يتساءلون﴾ أي: فيما بينهم يسأل بعضهم بعضاً أو يسألون غيرهم.
﴿عن المجرمين﴾ أي: عن أحوالهم ويقولون لهم بعد إخراج الموحدين من النار:
﴿ما﴾ محتملة للاستفهام والتعجب والتوبيخ ﴿سلككم﴾ أي: أدخلكم أيها المجرمون إدخالاً هو في غاية الضيق حتى كأنكم السلك في الثقب، وقرأ السوسي بإدغام الكاف في الكاف والباقون بالإظهار ﴿في سقر﴾.
فأجابوا بأن ﴿قالوا لم نك من المصلين﴾ أي: صلاة يعتدّ بها فكان هذا تنبيهاً على أنّ رسوخ القدم في الصلاة مانع من مثل حالهم وعلى أنهم معاقبون على فروع الشريعة وإن كانت لا تصلح منهم، فلو فعلوها قبل الإيمان لم يعتدّ بها وعلى أنّ الصلاة أعظم الأعمال وأنّ الحسنات بها تقدّم على غيرها.
﴿ولم نك نطعم المسكين﴾ أي: نعطيه ما يجب علينا إعطاؤه له.
(١٣/٢٥٣)
---