قال الله تعالى: ﴿كلا﴾ أي: لا يؤتون الصحف. وقيل: حقاً قال البغوي: وكل ما ورد عليك منه فهذا وجهه. قال ابن عادل: والأول أجود لأنه ردّ لقولهم. ثم بين تعالى سبب إعراضهم بقوله تعالى: ﴿بل لا يخافون﴾ أي: في زمن من الأزمان ﴿الآخرة﴾ فهذا هو السبب في إعراضهم.
وقوله تعالى: ﴿كلا﴾استفتاح قاله الجلال المحلي. وقال البيضاوي: ردع عن إعراضهم. وقال البغوي وتبعه ابن عادل: حقاً ﴿إنه﴾ أي: القرآن ﴿تذكرة﴾ أي: عظيمة توجب إيجاباً عظيماً اتباعه وعدم الانفكاك عنه بوجه، فليس لأحد أن يقول: أنا مغرور لم أجد مذكراً ولا معرّفاً فإنّ عنده أعظم مذكر وأشرف معرّف.
﴿فمن شاء﴾ أي: أن يذكره ﴿ذكره﴾ أي: اتعظ به وجعله نصب عينيه وعلم معناه وتخلق به فمن فعل ذلك سهل عليه لفظه وبعض معانيه فإنه كالبحر الفرات فمن شاء اغترف.
﴿وما يذكرون﴾ أي: في وقت من الأوقات ﴿إلا أن يشاء الله﴾ أي: الملك الأعظم الذي لا أمر لأحد معه ذكرهم أو مشيئتهم كقوله تعالى: ﴿وما تشاؤون إلا أن يشاء الله﴾ (الإنسان: ٣٠)
وهو تصريح بأنّ فعل العبد بمشيئة الله تعالى. وقرأ نافع بتاء الخطاب وهو التفات من الغيبة إلى الخطاب والباقون بياء الغيبة حملاً على ما تقدم من قوله تعالى: ﴿كل امرئ﴾.
(١٣/٢٥٧)
---