وقوله تعالى: ﴿بل يريد الإنسان﴾ عطف على أيحسب فيجوز أن يكون استفهاماً وأن يكون جواباً لجواز أن يكون الإضراب عن المستفهم وعن الاستفهام ﴿ليفجر أمامه﴾ أي: ليدوم على فجوره فيما يستقبله من زمان لا يبرح عنه ولا يتوب، هذا قول مجاهد رضي الله عنه. وقال سعيد بن جبير رضي الله عنه: يقدّم الذنب ويؤخر التوبة، فيقول: سوف أتوب سوف أعمل حتى يأتيه الموت على أشرّ أحواله وأسوأ أعماله. وقال الضحاك رضي الله عنه: هو الأجل يقول: أعيش فأصيب من الدنيا كذا وكذا ولا يذكر الموت. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يكذب بما أمامه من البعث والحساب، وأصل الفجور الميل وسمي الكافر والفاسق فاجراً لميله عن الحق.
﴿يسأل﴾ أي: سؤال استهزاء أو استبعاد ﴿أيان﴾ أي: أي وقت يكون ﴿يوم القيامة﴾.
(١٣/٢٦٢)
---
ولما كان الجواب يوم يكون كذا وكذا عدل عنه إلى ما سبب عن استبعاده لأنه أهول فقال تعالى ﴿فإذا برق البصر﴾ أي: شخص ووقف لما يرى مما كان يكذب به هذا على قراءة نافع بفتح الراء وأما على قراءة كسرها فالمعنى: تحير ودهش مما يرى وقيل: هما لغتان في التحير والدهشة.
﴿وخسف القمر﴾ أي: أظلم وذهب ضوءه، وقد اشتهر أنّ الخسوف للقمر والكسوف للشمس. وقيل: يكونان فيهما، يقال: خسفت الشمس وكسفت، وخسف القمر وكسف. وقيل: الكسوف أوّله والخسوف آخره.