فانصرفا عنه. وقال أحدهما: ظننت أنّ الكعبة ستقع عليّ.
فإن قيل: كانوا كلهم كفرة فما معنى القسمة في قوله: ﴿آثماً أو كفوراً﴾ أجيب: بأنّ معناه: ولا تطع منهم راكباً لما هو إثم داعياً لك إليه أو فاعلاً لما هو كفر داعياً لك إليه؛ لأنهم إمّا أن يدعوه إلى مساعدتهم على فعل هو إثم أو كفر أو غير إثم ولا كفر، فنهي أن يساعدهم على الاثنين دون الثالث.
ثم قال فإن قيل: معنى أو: ولا تطع أحدهما فهلا جيء بالواو ليكون نهياً عن إطاعتهما جميعاً؟ أجيب: بأنه لو قال: ولا تطعهما لجاز أن يطيع أحدهما وإذا قيل: ولا تطع أحدهما علم أنّ الناهي عن طاعة أحدهما أنهى عن طاعتهما جميعاً كما إذا نهى أن يقول لأبويه: أف علم أنه نهى عن ضربهما بطريق الأولى.
فإن قيل: إنه ﷺ ما كان يطيع أحداً منهم فما فائدة هذا النهي؟ أجيب: بأنّ المقصود بيان أنّ الناس محتاجون إلى التنبيه والإرشاد لأجل ما تركب فيهم من الشهوة الداعية إلى النساء وأنّ الواحد لو استغنى عن توفيق الله تعالى وإرشاده لكان أحق الناس به هو رسول الله ﷺ المعصوم دائماً أبداً، ومتى ظهر لك ذلك عرفت أنّ كل مسلم لا بدّ له من الرغبة إلى الله تعالى والتضرّع إليه أن يصونه عن الشهوات.
﴿واذكر﴾ أي: في الصلاة ﴿اسم ربك﴾ أي: المحسن إليك بكل جميل ﴿بكرة﴾ أي: الفجر ﴿وأصيلاً﴾ أي: الظهر والعصر.
(١٣/٣٠٤)
---