وعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه عن النبيّ ﷺ قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم» قال: فقرأها رسول الله ﷺ ثلاث مرّات فقال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: «المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» وفي رواية المسبل إزاره، وعن أبي هريرة عن النبيّ ﷺ قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولهم عذاب أليم رجل حلف على يمين على مال مسلم فاقتطعه، ورجل حلف يميناً بعد صلاة العصر أنه أعطى بسلعته أكثر مما أعطى وهو كاذب ورجل منع فضل ماء، فإنّ الله تعالى يقول: «اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك».r
(٢/٤٧)
---
أي: أهل الكتاب ﴿لفريقاً﴾ أي: طائفة ككعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وحيي بن أخطب ﴿يلوون ألسنتهم بالكتاب﴾ أي: يقتلونها بقراءته عن المنزل إلى ما حرفوه من نعت النبيّ ﷺ وآية الرجم وغير ذلك يقال: لوى لسانه عن كذا أي: غيره ﴿لتحسبوه﴾ أي: المحرف المدلول عليه بقوله تعالى: ﴿يلوون﴾ ﴿من الكتاب﴾الذي أنزل الله ﴿وما هو من الكتاب﴾ قرأ ابن عامر وعاصم بفتح السين والباقون بكسرها، وقوله تعالى: ﴿ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله﴾ تأكيد لقوله ﴿وما هو من الكتاب﴾ وزيادة تشنيع عليهم به وبيان لأنهم يزعمون ذلك تصريحاً لا تعريضاً أي: ليس هو نازلاً من عنده.
فإن قيل: نفى الله تعالى كون التحريف من عنده وهو فعل العبد فلا يكون فعل العبد مخلوقاً لله تعالى وإلا لما صح نفيه عنه تعالى أجيب: بأنّ المنفي هو الإنزال كما تقرّر ولا كون التحريف غير مخلوق لله تعالى بكسب العبد وقوله تعالى: ﴿ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون﴾ تأكيد أيضاً وتسجيل عليهم بالكذب والتعمد فيه واختلف في سبب نزول قوله تعالى: