﴿والمرسلات عرفاً﴾ أي: الرياح متتابعة كعرف الفرس يتلو بعضها بعضاً ونصبها على الحال، هذا ما عليه الجمهور من أنها الرياح قال تعالى: ﴿وأرسلنا الرياح﴾ (الحجر: ٢٢)
وقال تعالى: ﴿ويرسل الرياح﴾ (الأعراف: ٥٧)
. وروى مسروق عن عبد الله قال: هي الملائكة أرسلت بالعرف من أمر الله تعالى ونهيه والخير والوحي، وهو قول أبي هريرة ومقاتل والكلبي، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هم الأنبياء عليهم السلام أرسلوا بلا إله إلا الله. وقال أبو صالح: هم الرسل ترسل بما يعرفون به من المعجزات. وقيل: المراد السحاب لما فيها من نعمة ونقمة عارفة بما أرسلت إليه ومن أرسلت إليه.
﴿فالعاصفات﴾ أي: الرياح الشديدة ﴿عصفاً﴾ أي: عظيماً بما لها من النتائج الصالحة، وقيل: الملائكة شبهت لسرعة جريها في أمر الله تعالى بالرياح، وقيل: الملائكة تعصف بروح الكافر يقال: عصف بالشيء إذا أباده وأهلكه، وناقة عصوف أي: تعصف بركابها فتمضي كأنها ريح في السرعة، وعصفت الحرب بالقوم أي: ذهبت بهم. وقيل: يحتمل أنها الآيات المهلكة كالزلازل والخسوف.
﴿والناشرات ونشراً﴾ أي: الرياح اللينة تنشر المطر. وقال الحسن: هي الرياح التي يرسلها الله تعالى بين يدي رحمته، وقيل: الأمطار لأنها تنشر النبات بمعنى تحييه. وروي عن السدي أنها الملائكة تنشر كتب الله تعالى. وروى الضحاك أنها الصحف تنشر على الله تعالى بأعمال العباد.
(١٣/٣٠٩)
---
تنبيه: إنما قال الله تعالى ﴿والناشرات﴾ بالواو لأنه استئناف قسم آخر.
﴿فالفارقات فرقاً﴾ أي: الرياح تفرق السحاب وتبدده قاله مجاهد، وعن ابن عباس هي الملائكة تفرّق الأقوات والأرزاق والآجال، وقيل: هم الرسل فرّقوا بين ما أمر الله تعالى به وما نهى عنه أي: بينوا ذلك، وقيل: آيات القرآن تفرّق بين الحق والباطل والحلال والحرام.