﴿هذا يوم الفصل﴾ وهذا نوع آخر من أنواع تهديد الكفار وتخويفهم أي: يقال لهم هذا اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق فيتبين المحق من المبطل ﴿جمعناكم﴾ أيها المكذبون من هذه الأمّة بما لنا من العظمة ﴿والأوّلين﴾ من المكذبين قبلكم فتحاسبون وتعذبون جميعاً. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: جمع الذين كذبوا محمداً ﷺ والذين كذبوا النبيين من قبل.
وقوله تعالى: ﴿فإن كان لكم كيد﴾ أي: حيلة في دفع العذاب عنكم ﴿فكيدون﴾ أي: فاحتالوا لأنفسكم وقاوون، ولن تجدوا ذلك تقريع لهم على كيدهم لدين الله تعالى وذويه وتسجيل عليهم بالعجب، وقيل: إنّ ذلك من قول النبيّ ﷺ فيكون كقول هود عليه السلام ﴿فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون﴾ (هود: ٥٥)
﴿ويل يومئذ﴾ أي: إذ يقال لهم هذا الكلام فيكون زيادة في عذابهم ﴿للمكذبين﴾ أي: الراسخين في التكذيب في ذلك.
(١٣/٣١٨)
---
ثم ذكر ضد المكذبين بقوله تعالى: ﴿إنّ المتقين﴾ أي: الذين اتقوا الشرك لأنهم في مقابلة المكذبين ﴿في ظلال﴾ أي: تكاثف أشجار إذ لا شمس يظل من حرّها ﴿وعيون﴾ أي: من ماء وعسل ولبن وخمر كما قال تعالى: ﴿فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى﴾ (محمد: ١٥)
. وقرأ نافع وأبو عمرو وهشام وحفص بضم العين والباقون بكسرها.
﴿وفواكه مما يشتهون﴾ في هذا إعلام بأن المأكل والمشرب في الجنة بحسب شهواتهم بخلاف الدنيا فبحسب ما يجد الناس في الأغلب.
وقوله تعالى: ﴿كلوا واشربوا﴾ في موضع الحال من ضمير المتقين في الظرف الذي هو في ظلال أي: هم مستقرّون في ظلال مقولاً لهم ذلك.
وقوله تعالى: ﴿هنيئاً﴾ حال أي: متهنئين ﴿بما﴾ أي: بسبب ما ﴿كنتم تعملون﴾ من طاعات الله تعالى.