﴿وإذا قيل لهم﴾ أي: لهؤلاء المجرمين من أي: قائل كان ﴿اركعوا﴾ أي: صلوا الصلاة التي فيها الركوع كما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما وأطلقوه عليها تسمية لها باسم جزئها، وخص هذا الجزء لأنه يقال على الخضوع والطاعة ولأنه خاص بصلاة المسلمين ﴿لا يركعون﴾ أي: لا يصلون، قال الرازي: وهذا ظاهر لأنّ الركوع من أركانها، فبين تعالى أنّ هؤلاء الكفار من صفتهم أنهم إذا دعوا إلى الصلاة لا يصلون ويجوز أن يكون اركعوا بمعنى اخشعوا وتواضعوا لله بقبول وحيه واتباع دينه، واطرحوا هذا الاستكبار لا يخشعون ولا يقبلون ذلك ويصرون على استكبارهم، وأن يكون بمعنى اركعوا في الصلاة إذ روي أنها نزلت في ثقيف حين أمرهم رسول الله ﷺ بالصلاة فقالوا: لا نجبي فإنها مسبة علينا فقال ﷺ «لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود». قال في القاموس: جبى تجبية وضع يديه على ركبتيه أو على الأرض أو انكب على وجهه، والتجبية أن تقوم قيام الراكع. واستدل بهذه الآية على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وأنهم حال كفرهم يستحقون الذم والعقاب بترك الصلاة؛ لأنّ الله تعالى ذمهم حال كفرهم، وعلى أنّ الأمر للوجوب لأنّ الله تعالى ذمهم بمجرّد ترك المأمور به، وهو يدل على أنّ الأمر للوجوب.
فإن قيل: إنما ذمهم لكفرهم. أجيب بأنه تعالى ذمهم على كفرهم من وجوه إلا أنه تعالى إنما ذمهم في هذه الآية لتركهم المأمور به.
وقرأ هشام والكسائي بضم القاف والباقون بكسرها.
﴿ويل يومئذ﴾ أي: إذ يكون الفصل ﴿للمكذبين﴾ أي: بما أمروا به.
(١٣/٣٢١)
---


الصفحة التالية
Icon