﴿فحشر﴾ أي: فتسبب عن إدباره أنه جمع السحرة للمعارضة وجنوده للقتال ﴿فنادى﴾ حينئذ بأعلى صوته. قال حمزة الكرماني: قال له موسى عليه السلام: إنّ ربي أرسلني إليك لئن آمنت بربك تكون أربعمائة سنة في النعيم والسرور، ثم تموت فتدخل الجنة فقال: حتى أستشير هامان فاستشاره، فقال: أتصير عبداً بعدما كنت رباً، فعند ذلك جمع بعث الشرط وجمع السحرة والجنود.
فلما اجتمعوا قام عدوّ الله على سريره ﴿فقال أنا ربكم الأعلى﴾ أي: لا رب فوقي، وقيل: أراد أنّ الأصنام أرباب وأنا ربها وربكم، وقيل: أمر منادياً فنادى في الناس بذلك، وقيل: قام فيهم خطيباً فقال ذلك.
﴿فأخذه الله﴾ أي: أهلكه بالغرق الملك الأعظم الذي لا كفء له ﴿نكال﴾ أي: عقوبة ﴿الآخرة﴾ أي: هذه الكلمة وهي قوله ﴿أنا ربكم الأعلى﴾. ﴿والأولى﴾ وهي قوله: ﴿ما علمت لكم من إله غيري﴾ (القصص: ٣٨)
. قال ابن عباس رضي الله عنهما: وكان بين الكلمتين أربعون سنة، والمعنى: أمهله في الأولى ثم أخذه في الآخرة فعذبه بكلمتيه. وقال الحسن رضي الله عنه: ﴿نكال الآخرة والأولى﴾ هو أن أغرقه في الدنيا وعذبه في الآخرة. وعن قتادة رضي الله عنه: الآخرة هي قوله: ﴿أنا ربكم الأعلى﴾ والأولى تكذيبه لموسى عليه السلام.
ثم إنه تعالى ختم هذه القصة بقوله تعالى: ﴿إنّ في ذلك﴾ أي: الأمر العظيم الذي فعله فرعون والذي فعل به حين كذب وعصى ﴿لعبرة﴾ أي: لعظة ﴿لمن يخشى﴾ أي: لمن يخاف الله تعالى لأنّ الخشية أساس الخير كما مرّت الإشارة إليه.
ثم خاطب تعالى منكري البعث بقوله تعالى:
(١٣/٣٤٧)
---