وقرأ ﴿أنا صببنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿الماء﴾ عاصم وحمزة والكسائي بفتح الهمزة على أنه بدل اشتمال بمعنى أنّ صب الماء سبب في إخراج الطعام فهو مشتمل عليه بهذا التقدير، أو أنه تقدير لام العلة، أي: فلينظر لأنا ثم حذف الخافض، وقال البغوي: أنا بالفتح على تكرير الخافض مجازه فلينظر إلى أنا وقرأ الباقون بالكسر على الاستئناف تعديداً لنعمه تعالى عليه، وقوله تعالى﴿صباً﴾ تأكيد، والمراد بالماء المطر.
ولما كان الإنسان محتاجاً إلى جميع ما في الوجود ولو نقص منه شيء اختل أمره وبدأ أولاً بالسماوي لأنه أشرف وبالماء الذي هو حياة كل شيء تنبيهاً له على ابتداء خلقه. ثنى بالأرض التي هي كالأنثى بالنسبة إلى السماء فقال تعالى ﴿ثم﴾ أي: بعد مهلة من إنزال الماء ﴿شققنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿الأرض﴾ أي: بالنبات الذي هو في غاية الضعف عن شق أضعف الأشياء فكيف بالأرض اليابسة، وقوله تعالى ﴿شقاً﴾ تأكيد.
ثم سبب عن الشق ما هو كالتفسير له فقال تعالى: ﴿فأنبتنا﴾ أي: بما لنا من القدرة التامة ﴿فيها﴾ أي: بسبب الشق﴿حباً﴾ أي: قمحاً وشعيراً وسلتاً وسائر ما يحصد ويدخر، وقدّم ذلك لأنه كالأصل في التغذية ﴿وعنباً﴾ وذكره بعد الحب لأنه غذاء من وجه وفاكهة من وجه ﴿وقضباً﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الرطب لأنه يقتضب من النخل، أي: يقطع ورجحه بعضهم لذكره بعد العنب لأنهما يقترنان كثيراً، وقيل: القت الرطب، وقيل: كل ما يقضب من البقول لبني آدم، و قيل: هو الرطبة والمقضاب أرضه، سمي بمصدر قضبه إذا قطعه لأنه يقضب مرة بعد أخرى. وقال الحسن: القضب العلف للدواب.
(١٣/٣٦٢)
---
﴿وزيتوناً﴾ وهو ما يعصر منه الزيت يكون فيه حرافة وغضاضة فيه إصلاح المزاج. وقوله تعالى: ﴿ونخلاً﴾ جمع نخلة، وكل من هذه الأشجار مخالف للآخر في الشكل والحمل وغير ذلك مع المرافقة في الأرض والسقي.