ومعنى كادح ﴿إلى ربك﴾ أي: جاهد إلى لقائه وهو الموت، أي: هذا الكدح يستمرّ إلى هذا الزمن وقال القفال: تقديره إنك كادح في دنياك. ﴿كدحاً﴾ تصير إلى ربك. وقوله تعالى: ﴿فملاقيه﴾ يجوز أن يكون عطفاً على كادح، والسبب فيه ظاهر، وأن يكون خبر مبتدأ مضمر أي: فأنت ملاقيه، وقيل: جواب إذا، والضمير في ملاقيه إمّا للرب أي: ملاقي حكمه لا مفر لك منه، وإمّا للكدح إلا أنّ الكدح عمل وهو عرض لا يبقى، فملاقاته ممتنعة، فالمراد جزاء كدحك من خير أو شرّ. وقال الرازي: المراد ملاقاة الكتاب الذي فيه بيان تلك الأعمال، ويؤكد هذا قوله تعالى بعده:
﴿فأمّا من أوتي كتابه﴾ أي: كتاب عمله الذي كتبته الملائكة. ﴿بيمينه﴾ أي: من أمامه وهو المؤمن المطيع.
(١٣/٤٠٢)
---
﴿فسوف يحاسب﴾ أي: يقع حسابه بوعد لا خلف فيه، وإن طال الأمد لإظهار الجبروت والكبرياء والقهر. ﴿حساباً يسيراً﴾ هو عرض عمله عليه كما فسر في حديث الصحيحين وفيه: «من نوقش الحساب هلك» وفي رواية: «من حوسب عذب». وقالت عائشة: «أليس يقول الله تعالى: ﴿فسوف يحاسب حساباً يسيراً﴾ فقال: إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب عذب»وإنما حوسب حساباً سهلاً لأنه كان يحاسب نفسه فلا تقع له المخالفة إلا ذهولاً، فلأجل ذلك تعرض أعماله فيقبل حسنها ويعفى عن سيئها.
﴿وينقلب﴾ أي: يرجع بنفسه من غير مزعج برغبة وقبول ﴿إلى أهله﴾ أي: الذين أهله بهم في الجنة من الحور العين والآدميات والذريات إذا كانوا مؤمنين ﴿مسروراً﴾ أي: قد أوتي جنة وحريراً، فإنه كان في الدنيا في أهله مشفقاً من العرض على الله يحاسب نفسه حساباً عسيراً مع ما هو فيه من نكد الأهل وضيق العيش.
﴿س٨٤ش١٠/ش١٥ وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ؟ وَرَآءَ ظَهْرِهِ؟ * فَسَوْفَ يَدْعُوا؟ ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ؟ كَانَ فِى؟ أَهْلِهِ؟ مَسْرُورًا * إِنَّهُ؟ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ * بَلَى؟ إِنَّ رَبَّهُ؟ كَانَ بِهِ؟ بَصِيرًا ﴾