﴿ذو العرش﴾ ومالكه، أي: ذو الملك والسلطان كما يقال فلان على سرير ملكه، وإن لم يكن على سرير، ويقال: ثلّ عرشه، أي: ذهب سلطانه، أو السرير الدال على اختصاص الملك بالملك، وانفراده بالتدبير والسيادة والسياسة الذي به قوام الأمور، وقرأ ﴿المجيد﴾ حمزة والكسائي بجرّ الدال على أنه نعت للعرش أو لربك في قوله تعالى: ﴿إن بطش ربك﴾ قال مكي: وقيل: لا يجوز أن يكون نعتاً للعرش لأنه من صفات الله تعالى اه. وهذا ممنوع لأنّ مجد العرش علوّه وعظمه كما قاله الزمخشري. وقد وصف العرش بالكريم في آخر المؤمنين. وقرأ الباقون برفع الدال على أنه خبر بعد خبر. وقيل: هو نعت لذو، واستدل بعضهم على تعدّد الخبر بهذه الآية، ومن منع قال لأنها في معنى خبر واحد، أي: جامع بين هذه الأوصاف الشريفة، أو كل منها خبر لمبتدأ مضمر، والمجد: هو النهاية في الكرم والفضل، والله سبحانه موصوف بذلك وتقدّم وصف عرشه بذلك.
﴿فعالٌ﴾ أي: على سبيل التكرار والمبالغة ﴿لما يريد﴾ قال القفال: أي: يفعل ما يريد على ما يراه لا يعترض عليه أحد، ولا يغلبه غالب فيدخل أولياءه الجنة لا يمنعه مانع، ويدخل أعداءه النار لا ينصرهم منه ناصر، ويمهل العصاة على ما يشاء إلى أن يجازيهم، ويعاجل بعضهم بالعقوبة إذا شاء، فهو يفعل ما يريد.
وعن أبي اليسر: دخل ناس من الصحابة على أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه يعودونه فقالوا: ألا نأتيك بطبيب؟ قال: قد رآني. قالوا: فماذا قال لك؟ قال: إني فعال لما أريد. وقال الزمخشري: فعال خبر مبتدأ محذوف، وإنما قال فعال لأنّ ما يريد ويفعل في غاية الكثرة. وقال الطبري: رفع فعال وهو نكرة محضة على وجه الإتباع لإعراب الغفور الودود.
(١٣/٤١٨)
---
تنبيه: دلت هذه الآية أنّ جميع أفعال العباد مخلوقة لله تعالى. قال بعضهم: ودلت على أنّ الله تعالى لا يجب عليه شيء لأنها دالة على أنه يفعل ما يريد.