﴿الذي يصلى النار﴾ وهو الكافر. فإن قيل: الأشقى يستدعي وجود شقي فكيف قال هذا القسم؟ أجيب: بأنّ لفظ الأشقى من غير مشاركة كقوله تعالى: ﴿أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرّاً وأحسن مقيلاً﴾ (الفرقان: ٢٤)، وقوله تعالى: ﴿وهو أهون عليه﴾ (الروم: ٢٧)
. قال الرازي: الفرق ثلاثة العارف والمتوقف والمعاند، فالسعيد هو العارف، والمتوقف له بعض الشقاوة، والأشقى هو المعاند. وقال الزمخشري: الأشقى هو الكافر؛ لأنه أشقى من الفاسق، أو الذي هو أشقى الكفرة؛ لتوغله في معاداة النبيّ ﷺ وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة وعقبة بن ربيعة.
واختلف في قوله تعالى: ﴿الكبرى﴾ أي: العظمى على وجوه: أحدها: قال الحسن: هي نار جهنم، والصغرى نار الدنيا. ثانيها: أنّ في الآخرة نيراناً ودركات متفاضلة، فكما أنّ الكافر أشقى العصاة فكذلك يصلى أعظم النيران. ثالثها: أنّ النار الكبرى هي النار السفلى فهي نصيب الكفار، كما قال تعالى: ﴿إنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار﴾ (النساء: ١٤٥)
. فإن قيل: قوله تعالى:
﴿ثم لا يموت فيها ولا يحيى﴾ يقتضي أن ثم حالة غير الحياة والموت، وذلك غير معقول. أجيب: عن ذلك بوجهين: أحدهما: لا يموت فيستريح ولا يحيا حياة تنفعه كما قال تعالى: ﴿لا يقضي عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها﴾ (فاطر: ٣٦)
وهذا جاء على مذهب العرب يقولون للمبتلى بالبلاء الشديد لا هو حيّ ولا هو ميت. ثانيهما: أنّ نفس أحدهم في النار في حلقة لا تخرج فيموت، ولا ترجع إلى موضعها فيحيا.
تنبيه: قوله تعالى: ثم للتراخي بين الرتب في الشدّة.
ولما ذكر تعالى وعيد من أعرض عن النظر في دلائل الله تعالى أتبعه بالوعد لضدّه فقال تعالى:
(١٣/٤٣٤)
---