ولما ذكر تعالى وعيد الكفار أتبعه بشرح أحوال المؤمنين فقال تعالى: ﴿وجوه يومئذٍ﴾، أي: يوم تغشى الناس ووصفها بصفات الأولى قوله تعالى: ﴿ناعمة﴾، أي: ذات بهجة وحسن كقوله تعالى: ﴿تعرف في وجوههم نضرة النعيم﴾ (المطففين: ٢٤)
أو متنعمة. قال مقاتل: في نعمة وكرامة. الصفة الثانية: قوله تعالى:
﴿لسعيها﴾، أي: في الدنيا بالأعمال الصالحة ﴿راضيةٌ﴾، أي: في الآخرة بثواب سعيها حين رأت ما أدّاهم إليه من الكرامة الصفة الثالثة قوله تعالى:
﴿في جنة﴾ ثم توصف الجنة بصفات الأولى قوله تعالى: ﴿عالية﴾، أي: علية المحل والقدر، والصفة الثانية: قوله تعالى:
﴿لا يسمع فيها لاغية﴾ قرأ بالتاء الفوقية نافع مضمومة لاغية بالرفع، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالياء التحتية مضمومة لاغية بالرفع لقيامها مقام الفاعل، والباقون بالتاء الفوقية مفتوحة لاغية بالنصب فيجوز أن تكون التاء للخطاب، أي: لا تسمع أنت وأن تكون للتأنيث، أي: لا تسمع الوجوه واللغو. وقال ابن عباس: الكذب والبهتان والكفر بالله تعالى. وقال قتادة: لا با طل ولا إثم. وقال الحسن: هو الشتم. وقال الفراء: الحلف الكاذب، والأولى كما قيل: لا يسمع في كلامهم كلمة ذات لغو، وإنما يتكلمون بالحكمة وحمد الله تعالى على ما رزقهم من النعيم الدائم وهذا أحسن الأقوال قاله القفال. وقال الكلبي: لا يسمع في الجنة حالف بيمين لا برّة ولا فاجرة.
الصفة الثالثة: قوله تعالى: ﴿فيها﴾، أي: الجنة ﴿عين جارية﴾ قال الزمخشري: يريد عيوناً في غاية الكثرة كقوله تعالى: ﴿علمت نفس﴾ (التكوير: ١٤)
وقال القفال: فيها عين شراب جارية على وجه الأرض في غير أخدود، وتجري لهم كما أرادوا.
الصفة الرابعة: قوله تعالى: ﴿فيها سرر مرفوعة﴾، أي: عالية في الهواء. قال ابن عباس: ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت مرتفعة في السماء ما لم يجيء أهلها، فإذا أرادوا أن يجلسوا عليها تواضعت ثم ترتفع على مواضعها.
(١٣/٤٤١)
---