وقوله تعالى: ﴿التي لم يخلق مثلها في البلاد﴾ صفة أخرى لإرم فإن كانت للقبيلة فلم تخلق مثل عاد في البلاد عظم أجرام وقوّة. قال الزمخشري: كان طول الرجل منهم أربعمائة ذراع، وكان يأتي الصخرة العظيمة فيحملها فيقلبها على الحي فيهلكهم. وروي عن مالك أنه كانت تمرّ بهم مائة سنة لا يرون فيها جنازة. وإن كانت للبلدة فلم يخلق مثل مدينة شداد في جميع بلاد الدنيا، والمقصود من هذه الحكاية زجر الكفار فإنّ الله تعالى بين أنه أهلكهم بما كفروا وكذبوا الرسل مع الذي اختصوا به من هذه الوجوه، فلأن تكونوا مثل ذلك أيها الكفار إذا أقمتم على كفركم مع ضعفكم أولى وقد ذكركم الله تعالى ثلاث قصص هذه القصة الأولى.
وأما الثانية: فهي في قوله تعالى: ﴿وثمودا الذين جابوا﴾، أي: قطعوا ﴿الصخر﴾ جمع صخرة وهي الحجر واتخذوها بيوتاً كقوله تعالى: ﴿وتنحتون من الجبال بيوتاً﴾ (الشعراء: ١٤٩)
. ﴿بالواد﴾، أي: وادي القرى، قيل: أول من نحت الجبال والصخور والرخام ثمود، وبنوا ألفاً وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة. وقيل: سبعة آلاف مدينة كلها من الحجارة.
تنبيه: أثبت الياء ورش وابن كثير وصلاً، وأثبتها وقفاً ابن كثير بخلاف عن قنبل.
﴿س٨٩ش١٠/ش١٤ وَفِرْعَوْنَ ذِى ا؟وْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا؟ فِى الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا؟ فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾
وأما القصة الثالثة: فهي في قوله تعالى: ﴿وفرعون﴾، أي: وفعل بفرعون ﴿ذي الأوتاد﴾ واختلف في تسميته بذلك على وجهين:
أحدهما: أنه سمي بذلك عل كثرة جنوده ومضاربهم التي كانوا يضربونها إذا نزلوا.
(١٣/٤٥١)
---


الصفحة التالية
Icon