ويروى «أنها لما نزلت تغير وجه رسول الله ﷺ فعرف في وجهه حتى اشتدّ على أصحابه فأخبروا علياً فجاء فاحتضنه من خلفه وقبل ما بين عاتقيه، ثم قال: يا نبيّ الله بأبي أنت وأمي ما الذي حدث اليوم وما الذي غيرك فتلا عليه الآية. فقال له علي: كيف يجاء بها؟ قال: يجيء بها سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع، ثم تعرض لي جهنم فتقول: ما لك ولي يا محمد إنّ الله تعالى قد حرم لحمك علي فلا يبقى أحد إلا قال: نفسي نفسي إلا محمد ﷺ فيقول: رب أمّتي أمّتي». وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: تقاد جهنم بسبعين ألف زمام كل زمام بيد ألف ملك لها تغيظ وزفير حتى تنصب على يسار العرش.
وقوله تعالى: ﴿يومئذ﴾، أي: يوم يجاء بجهنم بدل من إذ وجوابها ﴿يتذكر الإنسان﴾، أي: يتذكر الكافر ما فرط أو يتعظ لأنه يعلم قبح معاصيه فيندم عليها ﴿وأنى له الذكرى﴾، أي: ومن أين له منفعة الذكرى. قال الزمخشري: لا بد من حذف مضاف وإلا فبين ﴿يتذكر﴾ وبين ﴿وأنى له الذكرى﴾ تناف وتناقض.
تنبيه: أنى خبر مقدّم والذكرى مبتدأ مؤخر وله متعلق بما تعلق به الظرف. وقرأ ﴿وأنى﴾ حمزة والكسائي بالإمالة محضة، وقرأ ورش بالفتح وبين اللفظين، وقرأ الدوري عن أبي عمرو بالإمالة بين بين والباقون بالفتح. وقرأ ﴿الذكرى﴾ أبو عمرو وحمزة والكسائيّ بالإمالة محضة، وقرأ ورش بين بين، والباقون بالفتح.
﴿يقول﴾، أي: يقول مع تذكره ﴿يا﴾ للتنبيه ﴿ليتني قدّمت لحياتي﴾، أي: في حياتي فاللام بمعنى في، أو قدّمت الإيمان والخير لحياة لا موت فيها، أو وقت حياتي في الدنيا.
(١٣/٤٥٩)
---


الصفحة التالية
Icon