الآية. وقيل: معناه لم يقتحمها و لاجاوزها و الاقتحام الدخول في الأمر الشديد، وذكر العقبة مثل ضربة الله تعالى لمجاهدة النفس والهوى والشيطان في أعمال البرّ فجعله كالذي يتكلف صعود العقبة يقول الله تعالى لم يحمل على نفسه المشقة بعتق الرقبة والإطعام، وهذا معنى قول قتادة وقيل: إنه شبه ثقل الذنوب على مرتكبها بعقبة، فإذا أعتق رقبة وأطعم المساكين كان كمن اقتحم العقبة وجاوزها وروى عن ابن عمر أنّ هذه العقبة جبل في جهنم، وقال الحسن: هي عقبة شديدة في النار دون الجسر فاقتحموها بطاعة الله تعالى ومجاهدة النفس.w
وقال مجاهد: هي الصراط يضرب على متن جهنم كحد السيف مسيرة ثلاثة آلاف سنة صعوداً وهبوطاً واستواء، وإنّ بجنبيه كلاليب وخطاطيف كأنها شوك السعدان، فناجٍ مسلم وناجٍ مخدوش، ومكردس في النار منكوس، وفي الناس من يمرّ كالريح العاصف، ومنهم من يمرّ كالرجل يعدو، ومنهم من يمرّ كالرجل يسير، ومنهم من يزحف زحفاً، ومنهم الزالون، ومنهم من يكردس في النار. وقال ابن زيد: فهلا سلك طريق النجاة.
وقوله تعالى: ﴿وما أدراك﴾، أي: أعلمك أيها السامع لكلامنا الراغب فيما عندنا ﴿ما العقبة﴾ تعظيم لشأنها والجملة اعتراض قال سفيان بن عيينة: كل شيء قال فيه ﴿وما أدراك﴾ فإنه أخبر به وما كان، قال: ﴿وما يدريك﴾ فإنه لم يخبر به، ثم بين سبب جوازها بقوله تعالى:
﴿فك﴾، أي: الإنسان ﴿رقبة﴾، أي: خلصها من الرق وذلك بأن يعتق رقبة في ملكه أو يعطي مكاتباً ما يصرفه في فك رقبته. روي أنه ﷺ قال: «من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار حتى فرجه بفرجه». قال الزمخشري: وفي الحديث: «أنّ رجلاً قال لرسول الله ﷺ دلني على عمل يدخلني الجنة. قال: تعتق النسمة وتفك الرقبة. قال: أو ليسا سواء؟ قال: لا إعتاقها أن تنفرد بعتقها، وفكها أن تعين في تخليصها من قود أو غرم، والعتق والصدقة من أفضل الأعمال».