وهو معنى قول ابن عباس: يريد أرشد أوليائي للعمل بطاعتي، وأحول بين أعدائي أن يعملوا بطاعتي، وهو معنى الإضلال. وقيل: معناه من سلك سبيل الهدى فعلى الله تعالى سبيله كقوله تعالى: ﴿وعلى الله قصد السبيل﴾ (النحل: ٩)
﴿وإنّ لنا للآخرة والأولى﴾، أي: لنا ما في الدنيا والآخرة فنعطي في الدارين ما نشاء لمن نشاء فمن طلبهما من غيرنا فقد أخطأ الطريق. وعن ابن عباس قال: ثواب الدنيا والآخرة. وهو كقوله تعالى: ﴿من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة﴾ (النساء: ١٣٤)
﴿فأنذرتكم﴾، أي: حذرتكم وخوّفتكم يا أيها المخالفون للطريق الذي بينته ﴿ناراً تلظى﴾ بحذف إحدى التاءين من الأصل، أي: تتلهب وتتوقد وتتوهج، يقال: تلظت النار تلظياً، ومنه سميت جهنم لظى. وقرأ البزي في الوصل بتشديد التاء وهو عَسِرٌ لالتقاء الساكنين على غير حدّهما، وهو نظير قوله تعالى: ﴿إذ تلقونه﴾ (النور: ١٥)
والباقون بغير تشديد.﴿{
(١٣/٤٨٢)
---
{لا يصلاها﴾، أي: لا يقاسى شدّتها على طريق اللزوم والانغماس ﴿إلا الأشقى﴾، أي: الذي هو في الذروة من الشقاوة وهو الكافر فإنّ الفاسق وإن دخلها لم يلزمها ولذلك سماه أشقى ووصفه بقوله تعالى:
﴿الذي كذب﴾ النبيّ ﷺ ﴿وتولى﴾، أي: عن الإيمان، أو كذب الحق وأعرض عن الطاعة أو الأشقى بمعنى الشقي كقوله: لست فيها بأوحد، أي: واحد. والحصر مؤوّل لقوله تعالى: ﴿ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ (النساء: ٤٨)
فيكون المراد الصليّ المؤبد.
﴿وسيجنبها﴾، أي: النار الموصوفة بوعد لا خلف فيه ﴿الأتقى﴾، أي: الذي اتقى الشرك والمعاصي فإنه لا يدخلها فضلاً أن يدخلها ويصلاها، ومفهوم ذلك على التفسير الأوّل أنّ من أتقى الشرك دون المعصية لا يتجنبها ولا يلزم ذلك صليها ولا يخالف الحصر السابق، أو الأتقى بمعنى التقى على وزان ما مرّ.
(١٣/٤٨٣)
---