وقال مجاهد: تلك النعمة هي القرآن، والتحديث به أن يقرأ ويقرئ غيره. وعنه أيضاً: تلك النعمة هي النبوّة، أي: بلغ ما أنزل إليك من ربك. وقيل: تلك النعمة هي أن وفقك الله سبحانه وتعالى فراعيت حق اليتيم والسائل فحدّث بها ليقتدي بك غيرك. وعن الحسن بن علي قال: إذا عملت خيراً فحدّث به إخوانك ليقتدوا بك إلا أن هذا لا يحسن إلا إذا لم يتضمن رياء وظن أنّ غيره يقتدي به كما علم مما مرّ. وروي «أنّ شخصاً كان جالساً عند النبيّ ﷺ فرآه رث الثياب فقال له ﷺ ألك مال؟ قال: نعم. فقال له ﷺ إذا آتاك الله مالاً فلير أثره عليك». وروي أنه ﷺ قال: «إنّ الله جميل يحب الجمال» ويحب أن يرى أثر النعمة على عبده». فإن قيل: ما الحكمة في أن الله تعالى أخر حق نفسه عن حق اليتيم والسائل؟ أجيب: بكأنه يقول: أنا أغنى الأغنياء وهما محتاجان، وحق المحتاج أولى بالتقديم وأختار قوله سبحانه وتعالى: فحدث على قوله تعالى فأخبر ليكون ذلك حديثاً عنه لا ينساه ويعيده مرّة بعد أخرى.
وقرأ ﴿والضحى﴾، ﴿سجى﴾، ﴿قلى﴾، ﴿الأولى﴾، ﴿فترضى﴾، ﴿فآوى﴾، ﴿فهدى﴾، ﴿فأغنى﴾، حمزة والكسائيّ بإمالة محضة لكن حمزة لم يمل سجى، وأمال ورش وأبو عمرو بين بين والفتح عن ورش قليل، والباقون بالفتح.
وروى أبيّ بن كعب «أنّ النبي ﷺ كان إذا بلغ الضحى كبر بين كل سورتين إلى أن يختم القرآن، ويفصل بينهما بسكتة». وكان المعنى: في ذلك «أنّ الوحي تأخر عن رسول الله ﷺ أياماً فقال ناس من المشركين: قد ودعه صاحبه وقلاه فنزلت هذه السورة فقال ﷺ الله أكبر». قال مجاهد: قرأت على ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فأمرني به، وأخبر أنه ﷺ أمره به. وبعض القرّاء لا يكبر لأنّ ذلك ذريعة إلى الزيادة في القرآن.
(١٣/٤٩٨)
---


الصفحة التالية
Icon