واختلف في سبب نزول سورة ﴿قل أعوذ برب الفلق﴾ فقال ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم: كان غلام من اليهود يخدم النبيّ ﷺ فدنت إليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبيّ ﷺ وعدّة أسنان من مشطه وأعطاها اليهود، فسحروه فيها، وتولى ذلك لبيد بن الأعصم رجل من اليهود فنزلت هذه و﴿قل أعوذ برب الناس﴾ فيه.
وعن عائشة رضي الله عنها «أنّ النبيّ ﷺ طب، أي: سحر حتى كأنه يخيل إليه أنه صنع شيئاً وما صنعه، وأنه دعى ربه ثم قال: أشعرت أنّ الله أفتاني فيما استفتيته فيه، فقالت عائشة رضي الله عنها: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال الآخر: مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: فيماذا، قال: في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر، قال: فأين هو؟ قال: في ذروان، وذروان بئر بني زريق، قالت عائشة رضي الله عنها: فأتاها رسول الله ﷺ ثم رجع إلى عائشة فقال: والله لكأنّ ماءها نقاعة الحناء ولكأنّ نخلها رؤوس الشياطين، قالت: فقلت: يا رسول الله هل أخرجته؟ قال: أما أنا فقد شفاني الله وكرهت أن أثير على الناس منه شراً».
وعن زيد بن أرقم قال: «سحر النبيّ ﷺ رجل من اليهود فاشتكى ذلك أياماً فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن رجلاً من اليهود سحرك وعقد لك عقداً في بئر كذا وكذا، فأرسل رسول الله ﷺ علياً فاستخرجها فجاء بها، فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة فقام رسول الله ﷺ كأنما نشط من عقال، قال: فما ذكر ذلك اليهودي ولا أرى وجهه قط». وروي «أنه كان تحت صخرة في البئر، فرفعوا الصخرة وأخرجوا جف الطلعة فإذا فيها مشاطة من رأسه ﷺ وأسنان مشطه».
(١٤/١٢٠)
---