وكما سموا قوماً نقل الفراء عن بعض العرب أنه قال: وهو يحدّث جاء قوم من الجنّ فوقفوا، فقيل: من أنتم؟ فقالوا: ناس من الجنّ، فعلى هذا يكون والناس عطفاً على الجنة ويكون التكرير لاختلاف اللفظين. والجنة جمع جني كما يقال: أنس وأنسي والهاء لتأنيث الجماعة. وقيل: إنّ إبليس يوسوس في صدور الجنّ كما يوسوس في صدور الناس فعلى هذا يكون في صدور الناس عاماً في الجميع.
و﴿من الجنة والناس﴾ بياناً لما يوسوس في صدروهم. وقيل: معنى ﴿من شر الوسواس﴾ الوسوسة التي تكون ﴿من الجنة والناس﴾ وهو حديث النفس.
قال ﷺ «إنّ الله تعالى تجاوز لأمّتي عما حدّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به». وعن عقبة بن عامر قال: «قال رسول الله ﷺ ألم تر آيات نزلت الليلة لم ير مثلهنّ قط ﴿أعوذ برب الفلق﴾ و﴿أعوذ برب الناس﴾a. وعنه أيضاً أنّ رسول الله ﷺ قال: «ألا أخبرك بأفضل ما تعوّذ به المتعوذ؟ قلت: بلى، قال: ﴿قل أعوذ برب الفلق﴾ و﴿قل أعوذ برب الناس﴾.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله ﷺ إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه فنفث فيهم وقرأ ﴿قل هو الله أحد﴾ و﴿قل أعوذ برب الفلق﴾ و﴿قل أعوذ برب الناس﴾ ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما رأسه ووجه وما أقبل من جسده يصنع ذلك ثلاث مرات». وعنها أيضاً «أن رسول الله ﷺ كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوّذتين وينفث، فلما اشتدّ وجعه كنت أقرأهما عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها». وعن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ «لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به أناء الليل وأطراف النهار». وعن ابن عباس قال: «قال رجل: يا رسول الله، أي: الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال: الحال المرتحل، قال: وما الحال المرتحل؟ قال: الذي يضرب من أوّل القرآن إلى آخره كلما حل ارتحل».
(١٤/١٣٢)
---