﴿ولا تؤتوا﴾ أيها الأولياء ﴿السفهاء﴾ أي: المبذرين من الرجال والنساء ﴿أموالكم﴾ أي: أموالهم وإنما أضاف الأموال إلى الأولياء؛ لأنها في تصرفهم وتحت ولايتهم وقيل: نهي إلى كل أحد أن يعمد إلى ما خوّله الله من المال فيعطيه امرأته وأولاده، ثم ينظر إلى ما في أيديهم وإنما سماهم سفهاء استخفافاً بعقلهم واستهجاناً لجعلهم قوّاماً وهذا أوفق لقوله تعالى: ﴿التي جعل الله لكم قياماً﴾ أي: تقوم بمصالحكم ومصالح أولادكم فيضعوها في غير وجهها، وعلى القول الأولّ يؤوّل بأنّ أموال السفهاء التي من جنس ما جعل الله لكم قياماً، وسمى الله ما به القيام قياماً للمبالغة.
وقرأ نافع وابن عامر «قيماً» بغير ألف بعد الياء والقيم جمع قيمة ما يقوّم به الأمتعة، والباقون بالألف مصدر قام و﴿وارزقوهم﴾ أي: أطعموهم ﴿فيها واكسوهم﴾ فيها، وإنما قال تعالى: «فيها» لجعله الأموال ظروفاً للرزق، فيكون الإنفاق من الربح لا من الأموال التي هي الظروف بأن يتجروا فيها ويحصلوا من ربحها ما يحتاجون إليه، ولو قيل: منها لكان الإنفاق من نفس الأموال ﴿وقولوا لهم قولاً معروفاً﴾ أي: عدوهم عدة جميلة بإعطائهم أموالهم إذا رشدوا وكل ما سكنت إليه النفس وأحبته لحسنه عقلاً أو شرعاً من قول أو عمل فهو معروف، وما أنكرته ونفرت منه لقبحه فهو منكر، وعن عطاء: إذا ربحت أعطيتك وإذا غنمت في غزاتي جعلت لك حظاً، وقيل: إن لم يكن ممن وجبت عليك نفقته فقل له: عافانا الله وإياك بارك الله فيك. وقيل: لا يختص ذلك بالأولياء بل هو أمر لكل أحد أن لا يخرج ماله إلى أحد من السفهاء قريب أو أجنبيّ رجل أو امرأة يعلم أنه يضيعه فيما لا ينبغي ويفسده.
(٢/١٧٩)
---


الصفحة التالية
Icon