وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: تسوّى بضم التاء للبناء للمفعول، والباقون بالفتح بالبناء للفاعل مع حذف إحدى التاءين في الأصل، وشدّد السين نافع وابن عامر، وخففها الباقون.
﴿ولا يكتمون الله حديثاً﴾ أي: مما عملوه؛ لأنّ جوارحهم تشهد عليهم، وقال الحسن: إنها مواطن ففي موطن لا يتكلمون ولا تسمع إلا همساً، وفي موطن يتكلمون ويكذبون ويقولون: ما كنا مشركين وما كنا نعمل من سوء، وفي موطن يسألون الرجعة، وآخر تلك المواطن أن يختم على أفواههم وتتكلم جوارحهم وهو قوله تعالى: ﴿ولا يكتمون الله حديثاً﴾ وقال سعيد بن جبير: قال رجل لابن عباس: إني أجد في القرآن شيئاً يختلف عليّ فقال: هات ما اختلف عليك قال: قال الله تعالى: ﴿فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون﴾ (المؤمنون، ١٠١)
وقال تعالى: ﴿وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون﴾ (الطور، ٢٥)
وقال تعالى: ﴿ولا يكتمون الله حديثاً﴾ (النساء، ٤٢)
وقال: ﴿وا ربنا ما كنا مشركين﴾ (الأنعام، ٢٣)
فقد كتموا، وقال تعالى: ﴿أم السماء بناها﴾ إلى قوله: ﴿والأرض بعد ذلك دحاها﴾ (النازعات، ٣٠)
فذلك خلق السماء قبل خلق الأرض، ثم قال: ﴿أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين﴾ إلى ﴿طائعين﴾ (فصلت، ١١)
فذكر في هذه خلق الأرض قبل خلق السماء وقال تعالى: ﴿وكان الله غفوراً رحيماً﴾ (الفتح، ١٤)
وقال: ﴿كان الله عزيزاً حكيماً﴾ (الفتح، ١٩)
فكأنه كان ثم مضى، فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون في النفخة الأولى قال: ﴿ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض﴾ ﴿فلا أنساب﴾ عند ذلك ﴿ولا يتساءلون﴾ ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون في النفخة الآخرة ﴿ثم أقبل بعضهم على بعض يتساءلون﴾ (المؤمنون، ١٠١)
(٢/٢٣٥)
---


الصفحة التالية
Icon