ولما أخبر سبحانه وتعالى أنّ التزكية إنما هي إليه قال لنبيه صلى الله عليه وسلم
﴿انظر﴾ متعجباً ﴿كيف يفترون﴾ أي: يتعمدون ﴿على الله﴾ الذي لا يخفى عليه شيء ولا بعجزه شيء ﴿الكذب﴾ من غير خوف منهم لذلك عاقبة ذلك ﴿وكفى به﴾ أي: بهذا الكذب ﴿إثماً مبيناً﴾ أي: بيناً واضحاً.
﴿ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت﴾ وهما صنمان بمكة لقريش وذلك أنّ كعب بن الأشرف خرج في سبعين راكباً من اليهود إلى مكة بعد وقعة أحد ليحالفوا قريشاً على رسول الله ﷺ وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله ﷺ فنزل كعب على أبي سفيان فأحسن مثواه، ونزلت اليهود في دور قريش فقال أهل مكة: إنكم أهل كتاب ومحمد صاحب كتاب، ولا نأمن أن يكون هذا مكراً منكم فاسجدوا لآلهتنا حتى نطمئن إليكم، ففعلوا فهذا إيمانهم بالجبت والطاغوت؛ لأنهم سجدوا للأصنام وأطاعوا إبليس فيما فعلوا، ثم قال أبو سفيان لكعب: إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أمّيون لا نعلم فأينا أهدى طريقاً نحن أم محمد؟ قال كعب: اعرضوا عليّ دينكم فقال أبو سفيان: نحن ولاة البيت نسقي الحجاج الماء، ونقري الضيف، ونفك العاني، ونصل الرحم، ونعمر بيت ربنا، ونطوف به، ونحن أهل الحرم، ومحمد فارق دين آبائه، وقطع الرحم، وفارق الحرم، وديننا القديم ودين محمد الحديث، فقال كعب: أنتم والله أهدى سبيلاً مما عليه محمد فأنزل الله تعالى: ﴿ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً﴾ أي: حظاً من الكتاب وهم كعب بن الأشرف وأصحابه يؤمنون بالجبت والطاغوت إي الصنمين ﴿ويقولون للذين كفروا﴾ وهم أبو سفيان وأصحابه ﴿هؤلاء﴾ أي: أنتم ﴿أهدى من الذين آمنوا﴾ وهم محمد وأصحابه ﴿سبيلاً﴾ أي: أقوم ديناً وأرشد طريقاً.
(٢/٢٤٦)
---
﴿أولئك الذين لعنهم الله﴾ أي: طردهم وأبعدهم من رحمته ﴿ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً﴾ أي: مانعاً يمنع العذاب عنه بشفاعة أو غيرها.
(٢/٢٤٧)
---