﴿فمنهم﴾ أي: اليهود ﴿من آمن به﴾ أي: بمحمد ﷺ كعبد الله بن سلام وأصحابه ﴿ومنهم من صدّ﴾ أي: أعرض ﴿عنه﴾ فلم يؤمن به ﴿وكفى بجهنم سعيراً﴾ أي: عذاباً لمن لم يؤمن وقوله تعالى:
﴿إنّ الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم﴾ أي: ندخلهم ﴿ناراً﴾ كالبيان والتقرير لذلك ﴿كلما نضجت﴾ أي: احترقت ﴿جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها﴾ بأن يعاد ذلك الجلد بعينه على صورة أخرى.
روي أنّ هذه الآية قرئت عند عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال عمر للقارىء: أعدها فأعادها وكان عنده معاذ بن جبل فقال معاذ: عندي تفسيرها: يبدله الله تعالى في ساعة مائة مرّة قال عمر: هكذا سمعت من رسول الله ﷺ وقال الحسن: تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرّة كلما أكلتهم قيل لهم: عودوا فيعودون كما كانوا.
فإن قيل: كيف تعذب جلود لم تكن في الدنيا ولم تعص؟ أجيب: بأن المعاد إنما هو الجلد الأوّل وإنما قال: جلوداً غيرها لتبدل صفتها كما تقول: صنعت من خاتمي خاتماً غيره فالخاتم الثاني هو الأوّل لا أنّ الصناعة والصفة تبدلت.
روي أنّ ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع.
وروي أنّ ضرسه أو نابه مثل أحد وغلظ جلده مسيرة ثلاث ﴿ليذوقوا العذاب﴾ أي: ليقاسوا شدّته، وقيل: يخلق مكان ذلك الجلد جلد آخر والمعذب في الحقيقة على كل حال هي النفس العاصية القائمة بالبدن؛ لأنها المدركة دونه ﴿إنّ الله كان﴾ ولم يزل ﴿عزيزاً﴾ أي: لا يعجزه شيء ﴿حكيماً﴾ في خلقه يعاقب على وفق حكمته.
(٢/٢٤٩)
---


الصفحة التالية
Icon