﴿ويقولون﴾ أي: المنافقون إذا أمرتهم بشيء من أمرنا وهم بحضرتك ﴿طاعة﴾ أي: أمرنا وشأننا طاعة أي: نطيعك فيما تأمرنا به ﴿فإذا برزوا﴾ أي: خرجوا ﴿من عندك بيت طائفة منهم﴾ أي: أضمرت ﴿غير الذي تقول﴾ لك في حضورك من الطاعة أي: عصتك، وقرأ أبو عمرو وحمزة بإدغام التاء في الطاء فإنها عندهما ساكنة أي: التاء فإذا سكنت التاء قبل الطاء وجب إدغامها فيها، والباقون بالإظهار فإن التاء عندهم مفتوحة ﴿وا يكتب﴾ أي: يأمر بكتب ﴿ما يبيتون﴾ أي: ما يسرون من النفاق في صحائفهم ليجازوا عليها ﴿فأعرض عنهم﴾ أي: قلل المبالاة بهم ﴿وتوكل على الله﴾ أي: ثق به فإنه كافيك معرتهم وينتقم لك منهم ﴿وكفى با وكيلاً﴾ أي: مفوّضاً إليه.
﴿أفلا يتدبرون﴾ أي: يتأمّلون ﴿القرآن﴾ وما فيه من المعاني البديعة ﴿ولو كان من عند غير الله﴾ أي: ولو كان من كلام البشر كما زعم الكفار ﴿لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً﴾ أي: تناقضاً في معانيه وتبايناً في نظمه، فكان بعضه فصيحاً وبعضه ركيكاً وبعضه تصعب معارضته وبعضه تسهل وتخلفاً عن الصدق في الإخبار عن الغيب بما كان وما يكون، أفلا يتفكرون فيه؟ فيعرفون عدم التناقض فيه وصدق ما يخبرهم به إنه كلام الله ولأن ما لا يكون من عند الله لا يخلو عن تناقض واختلاف، والمراد من التقييد بالكثير المبالغة في إثبات الملازمة أي: لو كان من عند غير الله للزم أن يكون فيه اختلاف كثير فضلاً عن القليل لكنه من عند الله فليس فيه اختلاف لا كثير ولا قليل.
(٢/٢٦٩)
---


الصفحة التالية
Icon