أي: ودّوا لو تدهن وودّوا لو يدهنون ﴿فلا تتخذوا منهم أولياء﴾ أي: فلا توالوهم وإن أظهروا الإيمان ﴿حتى يهاجروا في سبيل الله﴾ معكم هجرة صحيحة تحقق إيمانهم، قال عكرمة: هي هجرة أخرى، والهجرة على ثلاثة أوجه: هجرة المؤمنين في أوّل الإسلام وهي قوله تعالى: ﴿للفقراء المهاجرين﴾ وقوله تعالى: ﴿ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله﴾ (النساء، ١٠٠)
ونحوهما من الآيات، وهجرة المنافقين وهي خروج الشخص مع رسول الله ﷺ صابراً محتسباً لا لأغراض الدنيا وهي المرادة ههنا، وهجرة عن جميع المعاصي قال رسول الله ﷺ «المهاجر من هجر ما نهى الله عنه» ﴿فإن تولوا﴾ أي: أعرضوا عن التوحيد والهجرة وأقاموا على ما هم عليه ﴿فخذوهم﴾ أي: بالأسر ﴿واقتلوهم حيث وجدتموهم﴾ أي: في حلّ أو في حرم كسائر الكفرة ﴿ولا تتخذوا منهم ولياً﴾ توالونه ﴿ولا نصيراً﴾ تنتصرون به على عدوّكم أي: بل جانبوهم مجانبة كلية، وقوله تعالى: ﴿إلا الذين يصلون﴾ استثناء من قوله: ﴿فخذوهم واقتلوهم﴾ أي: إلا الذين يصلون أي: ينتهون ﴿إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق﴾ أي: عهد بالأمان لهم ولمن وصل إليهم كما عهد النبيّ ﷺ وقت خروجه إلى مكة هلال بن عمير الأسلمي على أن لا يعينه ولا يعين عليه، ومن لجأ إليه فله من الجوار مثل ما له، وقوله تعالى: ﴿أو جاؤكم﴾ عطف على الصلة أي: أو الذين جاؤوكم، وقوله تعالى: ﴿حصرت﴾ أي: ضاقت حال بإضمار قد أي: وقد ضاقت ﴿صدورهم أن يقاتلوكم﴾ أي: عن قتالكم مع قومهم ﴿أو يقاتلوا قومهم﴾ معكم أي: ممسكين عن قتالكم وقتالهم فلا تتعرّضوا لهم بأخذ ولا قتل، وهذا وما بعده منسوخ بآية القتال.
(٢/٢٧٦)
---


الصفحة التالية
Icon