روي أن سعد بن عبادة قال: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فقال: «أتعجبون من غيرة سعد والله لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحبّ إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث المنذرين والمبشرين ولا أحد أحبّ إليه المدحة من الله ومن أجل ذلك وعد بالجنة»، قال ابن عباس: إن رؤساء مكة أتوا رسول الله ﷺ فقالوا: يا محمد إنا سألنا عنك اليهود وعن صفتك في كتابهم، فزعموا أنهم لا يعرفونك، ودخل عليهم جماعة من اليهود فقال لهم النبيّ ﷺ «والله إنكم لتعلمون أني رسول الله» فقالوا: والله ما نعلم ذلك أنزل الله عز وجل:
﴿لكن الله يشهد﴾ أي: يبيّن نبوّتك ﴿بما أنزل إليك﴾ أي: من القرآن المعجز الدال على نبوّتك إن جحدوك وكذبوك ﴿أنزله﴾ متلبساً ﴿بعلمه﴾ الخاص به وهو العلم بتأليفه على نظم يعجز عنه كل بليغ.
وروي أنه لما نزل ﴿إنا أوحينا إليك﴾ قالوا: ما نشهد لك فنزلت ﴿والملائكة يشهدون﴾ لك أيضاً ﴿وكفى با شهيداً﴾ على ذلك بما قام من الحجج على صحة نبوّتك عن الاستشهاد بغيره ﴿إنّ الذين كفروا وصدوا﴾ الناس ﴿عن سبيل الله﴾ أي: دين الإسلام بكتمهم دين محمد ﷺ وهم اليهود ﴿قد ضلوا ضلالاً بعيداً﴾ عن الحق؛ لأنهم جمعوا بين الضلال والإضلال، ولأنّ المضل يكون أعرق في الضلال وأبعد من الانقلاع عنه.
﴿إنّ الذين كفروا﴾ بالله ﴿وظلموا﴾ نبيه بكتمان نعته ﴿لم يكن الله ليغفر لهم﴾ لكفرهم وظلمهم ﴿ولا ليديهم طريقاً﴾ من الطرق.
﴿إلا طريق جهنم﴾ أي: الطريق المؤدي إليها ﴿خالدين﴾ أي: مقدرين الخلود ﴿فيها﴾ إذا دخلوها وأكد ذلك بقوله: ﴿أبداً﴾ لأنّ الله لا يغفر أن يشرك به ﴿وكان ذلك على الله يسيراً﴾ أي: هيّناً لا يصعب عليه ولا يستعظمه.
(٢/٣٤٧)
---


الصفحة التالية
Icon