﴿يا أهل الكتاب لا تغلوا﴾ أي: تجاوزوا الحد ﴿في دينكم﴾ الخطاب للفريقين غلت اليهود في حط عيسى حتى رموه بالزنا، والنصارى في رفعه حتى اتخذوه إلهاً، وقيل: للنصارى خاصة، والمراد بالكتاب الإنجيل، فإنه أوفق لقوله تعالى: ﴿ولا تقولوا على الله إلا﴾ القول ﴿الحق﴾ أي: من تنزيهه عن الشريك والولد ﴿إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها﴾ أي: أوصلها ﴿إلى مريم﴾ وجعلها فيها ﴿وروح﴾ أي: ذو روح ﴿منه﴾ لا بتوسط ما يجري مجرى الأصل والمادّة له، وسمى عيسى كلمة الله وكلمة منه؛ لأنه وجد بكلمته وأمره لا غير من غير واسطة أب ولا نطفة، وقيل له: روح الله وروح منه؛ لأنه ذو روح وجسد من غير جزء من ذي روح كالنطفة المنفصلة من الأب الحيّ، وإنما اخترع اختراعاً من عند الله وقدرته بأن أمر جبريل، فنفخ في جيب درعها، فحملت به فأضيف إلى الله تعالى تشريفاً له، وليس كما زعمتم أنه ابن الله، أو إله معه، أو ثالث ثلاثة؛ لأنّ الروح مركب، والإله منزه عن التركيب وعن نسبة المركب إليه.
(٢/٣٥٠)
---


الصفحة التالية
Icon