﴿حرمت عليكم الميتة﴾ أي: أكلها بيان ما يتلى عليكم والميتة ما فارقته الروح من غير ذكاة شرعية ﴿والدم﴾ أي: المسفوح قال تعالى: ﴿أو دماً مسفوحاً﴾ وكان أهل الجاهلية يصبونه في الأمعاء ويشوونها ﴿ولحم الخنزير﴾ قال العلماء: الغذاء يصير جزءاً من جوهر المتغذي ولا بد أن يحصل للمتغذي أخلاق وصفات من جنس ما كان حاصلاً في الغذاء، والخنزير مطبوع على حرص عظيم ورغبة شديدة في المنهيات فحرّم أكله على الإنسان لئلا يتكيّف بتلك الكيفية، ولذلك إن الفرنج لما واظبوا على أكل لحم الخنزير أورثهم الحرص العظيم والرغبة الشديدة في المنهيات، وأورثهم عدم الغيرة فإنّ الخنزير يرى الذكر من الخنازير ينزو على الأنثى التي له ولا يتعرّض له لعدم الغيرة.
﴿وما أهل لغير الله به﴾ أي: رفع الصوت به لغير الله بأن ذبح على اسم غيره، والإهلال: رفع الصوت ومنه يقال: فلان أهل بالحج إذا لبى وكانوا يقولون عند الذبح: باسم اللات والعزى، قال ابن عادل: وقدم هنا لفظ الجلالة في قوله لغير الله به وأخرت في البقرة لأنها هناك فاصلة أو تشبه الفاصلة بخلافها هنا لأنّ بعدها معطوفات ﴿والمنخنقة﴾ وهي التي ماتت بالخنق سواء أفعل بها ذلك آدميّ أم اتفق لها ذلك ﴿والموقوذة﴾ وهي التي وقذت أي: ضربت حتى ماتت ويدخل في الموقوذة ما رمي بالبندق فمات ﴿والمتردّية﴾ أي: الساقطة من علو بان سقطت من جبل أو مشرف أو في بئر فماتت، ولو رمى صيداً في الهواء بسهم فأصابه فسقط على الأرض ومات حلّ لأنّ الوقوع على الأرض من ضرورته وإن سقط على جبل أو شجر ثم تردى منه فمات لم يحل لأنه من المتردية إلا أن يكون السهم ذبحه في الهواء فيحل كيفما وقع لأنّ الذبح قد حصل قبل التردية.
(١٥/٧)
---