﴿واذكروا اسم الله عليه﴾ في هذه الكناية ثلاثة أوجه أحدها: أنها تعود إلى المصدر المفهوم من الفعل وهو الأكل كأنه قيل: واذكروا اسم الله عليه على الأكل ويؤيده قوله ﷺ «سمّ الله وكل مما يليك» الثاني: إنها تعود إلى ما علمتم أي: اذكروا اسم الله على الجوارح عند إرسالها على الصيد ويؤيده قوله ﷺ «إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله عليه» الثالث: إنها تعود إلى ما أمسكن أي: اذكروا اسم الله تعالى على ما أدركتم ذكاته مما أمسكت عليكم الجوارح ﴿واتقوا الله﴾ أي: في محرماته ﴿إنّ الله سريع الحساب﴾ فيؤاخذكم بما جل ودق، وقوله تعالى:
﴿اليوم﴾ الكلام فيه كالكلام فيما قبله ﴿أحلّ لكم الطيبات﴾ أي: المستلذات ﴿وطعام الذين أوتوا الكتاب﴾ أي: ذبائح اليهود والنصارى، ومن دخل في دينهم قبل مبعث محمد ﷺ ﴿حل﴾ أي: حلال ﴿لكم﴾ فأمّا من دخل في دينهم بعد المبعث فلا تحل ذبيحتهم، ولو ذبح يهوديّ أو نصرانيّ على اسم غير الله تعالى كالنصراني يذبح على اسم المسيح لم تحل ذبيحته، وأما المجوس فقد سنّ بهم سنة أهل الكتاب في تقريرهم بالجزية دون أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم، قال ﷺ «سنّوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم» رواه الإمام مالك ﴿وطعامكم﴾ إياهم ﴿حل لهم﴾ فلا عليكم أن تطعموهم ولا تبيعوه منهم ولو حرم عليهم لم يجز ذلك.
﴿والمحصنات من المؤمنات﴾ أي: الحرائر ﴿والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم﴾ وهم اليهود والنصارى أي: حل لكم أن تنكحوهنّ وإن كنّ حربيات. وقال أبي عباس: لا تحل الحربيات وأما الإماء المسلمات فيحل نكاحهنّ في الجملة بخلاف الإماء الكتابيات فلا يحل نكاحهنّ عندنا ويحل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
(١٥/١٥)
---