﴿يهدي به الله﴾ أي: بالكتاب وقيل: بهما ووحد الضمير لأنّ المراد بهما واحد لأنهما كواحد في الحكم ﴿من اتبع رضوانه﴾ أي: رضاه بأن آمن ﴿سبل﴾ أي: طرق ﴿السلام﴾ أي: السلامة من العذاب أو الله باتباع شرائع دينه ﴿ويخرجهم من الظلمات﴾ أي: أنواع الكفر والوساوس الشيطانية ﴿إلى النور﴾ أي: الإسلام ﴿بإذنه﴾ أي: بإرادته أو بتوفيقه ﴿ويهديهم إلى صراط مستقيم﴾ أي: طريق هي أقرب الطرق إلى الله تعالى ومؤدّ إليه لا محالة وهو الدين الحق.
﴿لقد كفر الذين قالوا إنّ الله هو المسيح بن مريم﴾ وذلك حيث جعلوه إلهاً وهم اليعقوبية فرقة من النصارى، وقيل: ما صرحوا به ولكن مذهبهم يؤدي إليه حيث اعتقدوا أنه يخلق ويحيي ويميت ويدبر أمر العالم ﴿قل﴾ لهم يا محمد ﴿فمن يملك﴾ أي: يدفع ﴿من﴾ عذاب ﴿الله شيئاً﴾ أي: من الأشياء التي يتوهم أنها قد تمنعه مما يريد ﴿إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمّه ومن في الأرض جميعاً﴾ أي: لا أحد يملك ذلك ولو كان المسيح إلهاً لقدر عليه فدل ذلك على أنه بمعزل من الألوهية وإنه مقدور مقهور قابل للفناء كسائر الممكنات، وأراد بعطف من في الأرض على المسيح وأمّه إنهما من جنسهم لا تفاوت بينهم وبينهما في البشرية ﴿و ملك السموات والأرض وما بينهما﴾ أي: بين النوعين وبين أفرادهما مما به تمام أمرهما ﴿يخلق ما يشاء﴾ أي: على أيّ كيف أراد ﴿وا على كل شيء قدير﴾ أي: قادر على الإطلاق يخلق من غير أصل كما خلق السموات والأرض ومن أصل كما خلق ما بينهما وينشىء من أصل ليس من جنسه كآدم وكثير من الحيوانات ومن أصل يجانسه أمّا من ذكر وحده كما خلق حوّاء من آدم أو من أنثى وحدها كعيسى بن مريم أو منهما كسائر الناس.
(١٥/٣٥)
---