﴿واتل عليهم نبأ ابني آدم﴾ وهما هابيل وقابيل وقوله تعالى: ﴿بالحق﴾ صفة مصدر محذوف أي: تلاوة متلبسة بالحق. وقصتهما: أنّ الله تعالى أوحى إلى آدم أن يزوّج كل واحد منهما توأم الآخر وكانت حواء تلد لآدم كل بطن غلاماً وجارية وظاهر كلام المؤرّخين أنّ آدم لا يحل له أن يتزوّج بواحدة من بناته ولا من بنات أولاده، ولهذا ألغز بعضهم بقوله: ماتت زوجة رجل فحرم عليه نساء الدنيا وكان جميع ما ولدته أربعين ولداً في عشرين بطناً أولهم قابيل وتوأمته اقليما وثانيهم هابيل وتأومته يلودا وآخرهم عبد المغيث وتوأمته أمّ المغيث، ثم بارك الله تعالى في نسل آدم عليه السلام، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفاً فأراد آدم أن ينكح قابيل يلودا أخت هابيل وينكح هابيل اقليما وكانت أخت قابيل أحسن من أخت هابيل فذكر ذلك لولده فرضي هابيل وسخط قابيل وقال: هي أختي وأنا أحق بها فقال له أبوه: إنها لا تحل لك فأبى أن يقبل ذلك وقال: إنّ الله لم يأمر بهذا وإنما هو من رأيك فقال لهما آدم: قربا قرباناً فأيكما تقبل قربانه فهو أحق بها وكانت القرابين إذا كانت مقبولة نزلت من السماء نار بيضاء فأكلتها وإذا لم تكن مقبولة لم تنزل النار وأكله الطير والسباع فخرجا ليقربا وكان قابيل صاحب زرع فقرب صبرة من طعام من أردأ زرعه وأضمر في نفسه ـ ما أبالي تقبل مني أم لا ـ لا يتزوّج أختي أبداً وكان هابيل صاحب غنم فعمد إلى أحسن كبش في غنمه فقرّبه، وأضمر في نفسه رضا الله عز وجل فوضعا قربانهما على الجبل ثم دعا آدم فنزلت نار من السماء فأكلت قربان هابيل ولم تأكل قربان قابيل كما قال تعالى: ﴿إذ قرّبا قرباناً فتقبل من أحدهما﴾ وهو هابيل ﴿ولم يتقبل من الآخر﴾ وهو قابيل لأنه سخط حكم الله ولم يخلص النية في قربانه وقصد إلى أخس ما عنده فغضب قابيل لردّ قربانه وأضمر الحسد في نفسه إلى أن أتى آدم مكة لزيارة البيت الحرام فلما