فإن قيل: على الأوّل التشابه هو التماثل في الصفة وهو مفقود بين ثمرات الدنيا والآخرة كما قال ابن عباس: ليس في الجنة من أطعمة الدنيا إلا الأسماء. أجيب: بأن التشابه، بينهما حاصل في الصورة التي هي مناط الاسم دون المقدار والطعم وهو كاف في إطلاق التشابه، وللآية كما قال البيضاوي محمل آخر وهو أنّ مستلذات أهل الجنة في مقابلة ما رزقوا في الدنيا من المعارف والطاعات متفاوتة في اللذة بحسب تفاوتها فيحتمل أن يكون المراد من هذا الذي رزقنا أنه ثوابه ومن تشابههما تماثلهما في الشرف والرتبة وعلوّ الطبقة، فيكون هذا في الوعد نظير قوله تعالى: ﴿ذوقوا ما كنتم تعملون﴾ (العنكبوت، ٥٥) في الوعيد ﴿ولهم فيها﴾ أي: الجنات ﴿أزواج﴾ من الحور العين والآدميات ﴿مطهرة﴾ مما يستقذر من النساء ويذم من أحوالهنّ كالحيض والدرن أي: الوسخ ودنس الطبع وسوء الخلق فإنّ التطهير يستعمل في الأجسام والأخلاق والأفعال ومعنى تطهيرهنّ مما ذكر كما قال التفتازاني: إنها منزهة عن ذلك مبرأة عنه بحيث لا يعرض لهنّ لا التطهر الشرعي بمعنى إزالة النجس الحسي أو الحكمي، كما في الغسل عن الحيض والزوج يقال: للذكر والأنثى، قال تعالى: وأصلحنا له زوجه، وهو في الأصل لما له قرين من جنسه كزوج الخف.
(١/٨١)
---


الصفحة التالية
Icon