﴿وليحكم أهل الإنجيل﴾ وهم اتباع عيسى عليه الصلاة والسلام ﴿بما أنزل الله فيه﴾ أي: من الأحكام، وقرأ حمزة بكسر اللام ونصب الميم عطفاً على معمول آتيناه والباقون بكسر اللام وسكون الميم على الأمر أي: فلينته أهل التوراة عما نسخ منها وليحكم أهل الإنجيل إلخ.. ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون﴾ أي: المختصّون بكمال الفسق فإن كان تديّناً كان كفراً وإن كان لاتّباع الشهوات كان مجرد معصية لأنّ الحظوظ والشهوات تحمل على الخروج من دائرة الشّرع مرّة بعد أخرى.
﴿وأنزلنا إليك﴾ يا محمد خاصة ﴿الكتاب﴾ أي: الكامل في جمعه لكل ما يطلب منه وهو القرآن وقوله تعالى: ﴿بالحق﴾ متعلق بأنزلنا ﴿مصدّقاً لما بين يديه﴾ أي: قبله.
(١٥/٧٢)
---
لما كانت الكتب السماوية من شدّة تصادقها كالشيء الواحد عبّر تعالى بالمفرد فقال: ﴿من الكتاب﴾ أي: الكتب المنزّلة التي جاء بها الأنبياء من قبل، فاللام الأولى في الكتاب للعهد؛ لأنه عني به القرآن والثانية للجنس لأنه عني به جنس الكتب المنزلة ﴿ومهيمناً عليه﴾ أي: رقيباً على سائر الكتب أي: يحفظها من التغيير والتبديل ويشهد لها بالصحة والثبات ﴿فاحكم بينهم﴾ أي: بين جميع أهل الكتاب إذا ترافعوا إليك ﴿بما أنزل الله﴾ إليك في هذا الكتاب الناسخ لكتبهم المهيمن عليها في إثبات ما أسقطوه منها من أمرهم باتباعك ونحو ذلك من أوصافك ﴿ولا تتبع أهواءهم﴾ فيما خالفه عادلاً ﴿عما جاءك من الحق﴾ بالانحراف عنه إلى ما يشتهونه.