فإن قيل: ذكر شر وأضلّ يقتضي مشاركة المؤمنين والكفار في الشرّ والضلال وإنّ الكفار أشرّ وأضل مع أنّ المؤمنين لم يشاركوا الكفار في شيء من ذلك أجيب: بأنّ مكان هؤلاء في الآخرة شر وأضل من مكان المؤمنين في الدنيا لما يلحقهم فيها من الشرّ والضلال الحاصل لهم بالهموم الدنيوية كسماع الأذى وغيره، أو إنّ ذلك على سبيل التنزل والتسليم للخصم على زعمه إلزاماً بالحجة وهذا أولى.
ونزل في يهود نافقوا النبيّ صلى الله عليه وسلم.
﴿وإذا جاؤكم قالوا آمنا وقد﴾ أي: قالوا ذلك والحال إنهم قد ﴿دخلوا﴾ إليكم متلبسين ﴿بالكفر وهم قد خرجوا﴾ من عندكم متلبسين ﴿به﴾ أي: الكفر كما دخلوا لم يتعلق بهم شيء مما سمعوا به من تذكيرك بآيات الله ومواعظك ﴿وا أعلم بما كانوا يكتمون﴾ من الكفر وغيره في جميع أحوالهم من أقوالهم وأفعالهم وفي هذا وعيد لهم.
﴿وترى كثيراً منهم﴾ أي: اليهود أو المنافقين ﴿يسارعون﴾ أي: يقعون سريعاً ﴿في الإثم﴾ أي: الكذب بدليل قوله تعالى عن قولهم الإثم ﴿والعدوان﴾ أي: الظلم وقيل: الإثم ما يختص بهم والعدوان ما يتعدّى إلى غيرهم ﴿وأكلهم السحت﴾ أي: الحرام كالرشا ﴿لبئس ما كانوا يعملون﴾ عملهم هذا.
﴿لولا﴾ هلا ﴿ينهاهم﴾ أي: يجدّد لهم النهي ﴿الربانيون﴾ أي: المدّعون للتخلي من الدنيا إلى سبيل الرب ﴿والأحبار﴾ أي: العلماء ﴿عن قولهم الإثم﴾ أي: الكذب ﴿وأكلهم السحت﴾ أي: الحرام هذا تحضيض لعلمائهم على النهي عن ذلك فإن لولا إذا دخل على الماضي أفاد التوبيخ وإذا دخل على المضارع المستقبل أفاد التحضيض ﴿لبئس ما كانوا يصنعون﴾ ترك نهيهم.
(١٥/٨٦)
---
فإن قيل: لم عبّر في الأوّل بـ
[ يعملون] وفي الثاني بـ