وروي أنّ عبد الرحمن بن أبي بكر دعا أباه إلى عبادة الأوثان فنزلت، فإن قيل: إذا كان هذا وارداً في شأن أبي بكر رضي الله تعالى عنه فكيف قيل للرسول ﷺ قل أندعو؟ أجيب: بأن ذلك إظهار للاتحاد الذي كان بينه ﷺ وبين المؤمنين خصوصاً الصدّيق رضي الله تعالى عنه ﴿وهو الذي إليه﴾ لا إلى غيره بعد بعثكم من الموت ﴿تحشرون﴾ يوم القيامة فيجزيكم بأعمالكم.
﴿وهو الذي خلق السموات والأرض﴾ على عظمهما ﴿بالحق﴾ أي: بسبب إقامة الحق، وقيل: خلقهما بكلامه الحق الذي هو قوله تعالى: ﴿كن﴾ وهو دليل على أنّ كلام الله تعالى ليس بمخلوق لأنه لا يخلق مخلوق بمخلوق ﴿و﴾ اذكر ﴿يوم يقول﴾ الله للخلق ﴿كن فيكون﴾ أي: فهو يكون وهو يوم القيامة يقول بمخلق قوموا أحياء ﴿قوله﴾ تعالى: ﴿الحق﴾ أي: الصدق الواقع لا محالة ﴿وله الملك يوم ينفخ في الصور﴾ أي: النفخة الثانية من إسرافيل عليه الصلاة والسلام وإنما أخبر سبحانه وتعالى عن ملكه يومئذٍ وإن كان الملك له سبحانه وتعالى في كل وقت في الدنيا والآخرة لأنه لا منازع له يومئذٍ فإنّ من كان يدعي الملك من الجبابرة والفراعنة وسائر الملوك الذين كانوا في الدنيا قد زال ملكهم فاعترفوا أنّ الملك لله الواحد القهار وأنه لا منازع له تعالى فيه وعلموا أنّ الذي كانوا يدعونه من الملك في الدنيا غرور وباطل.
تنبيه: اختلف العلماء في الصور المذكور في الآية فقال قوم: هو قرن ينفخ فيه وهو لغة أهل اليمن، وقال مجاهد: الصور قرن كهيئة البوق ويدل على صحة هذا القول ما روي أنّ أعرابياً جاء إلى النبيّ ﷺ فقال: ما الصور؟ قال: «قرن ينفخ فيه».
(١٥/٢٠١)
---


الصفحة التالية
Icon